هل ان المسيح هو الله او ابن الله؟؟؟
منذ حداثتنا يسألنا الكثير من الاخوة والأصدقاء المسلمين في المدرسة والعمل … وكل مكان بجرأة هذا السؤال، ونرى في عيونهم الاستهجان الذي يتطور الى الغضب كوننا نشرك في الله، ولا انسى احد جيران والدي في حي القيمرية كيف احتد وثار بوجه والدي ووالدي رحمه الله كان هادئا ووديعا الى ان قال السائل بوقاحة…
“يعني ان الله اجا نام مع امي واجيت انا…هيك ساوت مريم…؟”
هنا ثار والدي عليه واخرسه وطرده من دكانه بعد ان حاول مرارا ببساطة ان يفهمه ان الواقع الالهي يختلف عن طبيعتنا البشرية وان الله ليس كيانا ماديا كالبشر يتزوج من انثى وينجب منها… وان لو كان الحال هكذا لما اعتبر القرآن ان المسيح هو روح الله وان القرآن يكرم العذراء وابنها المسيح اشد التكريم ويشيد بطهارتها ويعتبرها سيدة نساء العالمين…لكن عبثا فعل الوالد رحمه الله بكل هدوئه وبساطته وشدة ايمانه ان يفهم ذلك لهذا السائل الوقح والطاعن بالمسيحية، عندها طرده من دكانه لأنه اساء لعفة العذراء وللمسيح له المجد…
لم انس هذا الموقف وكان عمري حوالي ثمان سنوات…
جاء واحد مماثل الى كاهن وسأله:
“كيف تقولون المسيح هو الله أو ابن الله وهو يقول في تلك الآية : ” لِماذا تَدعوني صالِحاً ..؟ لا صالِحَ إِلاّ واحِدٌ هُوَ ٱلله “.”
قال الكاهن معقبا:
– “يعتقد صديقي وغيره بكل تأكيد من الديانة الإسلامية أن هذه الآية يستطيعون استخدامها لنفي لاهوت السيد المسيح، والحقيقة أن هذه الآية في سياقها ومجملها تثبت اللاهوت ولا تنفيه، وتعالوا نفهم معاً:
السيد المسيح في هذه الآية لا ينفي عن نفسه الصلاح، النفي صيغته معروفة، أن يقول مثلاً: “لا تدعوني صالحاً لأنه ليس أحد صالحاً إلاَّ واحد وهو الله”. ولكن الجملة لم تكن في صيغة النفي كما ترون، هي في صيغة الاستفهام، (لماذا تدعوني صالحاً)؟ وكأن المسيح يريد أن يتأكد من السائل أنه يعلم ماذا يقول: هل تعلم أنه صفة الصلاح هي لواحد فقط وهو الله ..؟ هل تعترف بي أني أنا الله ..؟.
لاحظوا أن الرجل كما كتب مرقس في بشارته جاء إلى المسيح وجثا له، أي سجد له، ودارس الكتاب (التوراة) يعرف أن اليهودي تعَّلم درساً قاسياً خلال تاريخ حياته، انتهى فيه إلى أن السجود لا يجوز إلاَّ لله وحده، وحيث أن المسيح قرر في الإنجيل (وقت التجربة) للرب إلهك تسجد وإياه وحده تعبد، وهو هنا يقبل السجود ولا يرفضه، فهو إذاً المعنّي والمقصود بالسجود، فهو الله الظاهر في الجسد.
– تعالوا أقص عليكم موقفا مشابها بقصة رمزية للتوضيح…
تخَّيلوا معي أن هناك طبيب ذهب إلى قرية، وحاول إقناع الناس أن يأتوا بالمرضى عنده للعلاج لأنه طبيب درس الطب، ولكن الناس في القرية بسطاء وجهلة ويذهبون إلى حلاق البلدة، الذي يشيع في القرية أن هذا الطبيب ليس طبيباً، ثم جاء أحدهم ذات يوم يشتكي من مرض يؤرقه ويؤلمه، وذهب إلى الطبيب وقال له أيها الطبيب عالجني، فقال له الطبيب: (لماذا تدعوني طبيباً ..؟ ألا تعلم أنه ليس هناك طبيب إلاَّ الذي تخرج من كلية الطب ويحمل شهادة خاصة بذلك)؟.
والآن هل يستطيع أحد أن يقول أن سؤالاً مثل هذا ينفي عن الطبيب صفته ..؟ أم أنه يؤكدها ويريد إثباتها باعتراف صريح من القادم إليه أنه يقولها عن اقتناع كامل وليس من منطلق السخرية أو التهكم هكذا نفس الحال، فالمسيح وهو الله في الجسد، تحاور مع اليهود مراراً وتكراراً وقد أثبت لهم بالأقوال والأفعال لاهوته، خاصة قرأنا في الكتاب المقدس أنهم أرادوا قتله ورجمه لأنه يعادل نفسه بالله (يوحنا 5: 18).
لهذا فالرجل عندما جاء إلى المسيح وجثا، أراد المسيح أن يتأكد أنه يقول ويفعل شيئاً مقتنعاً به “لماذا تدعوني صالحاً، ليس أحداً صالحاً إلاَّ واحد وهو الله”.
ويتابع الكاهن بقوله
– “والآن إلى الاستشهاد النهائي الذي نثبت فيه أن المسيح يقول عن نفسه أنه الوحيد الذي له صفة الصلاح حين قال مرتين عن نفسه: “أنا هو الراعي الصالح” (يوحنا 10: 11 و 14).
إذاً المسيح لم يكن ينفي عن نفسه أنه الوحيد المستحق لقب (الصالح) الذي لا يلّقب به إلاَّ الله، ولكنه كان يستفهم من الشاب، هل تعترف بهذا يقيناً بالقلب والإدراك ..؟
لقد أتيت وسجدت لي، وأنت تعرف أن السجود لا يجوز إلاَّ لله فقط، وها أنت تلقبني بالصالح، وأنت تعرف أيضاً أن الصالح الوحيد هو الله، فهل تفعل وتقول هذا اعترافاً بيّ الله الظاهر في الجسد ..؟.
ملاحظة
إليكم ملاحظة أخرى: اتفقت البشائر ( الاناجيل الاربعة)كلها أن السيد يسوع المسيح عندما سأل الشاب عن حفظ الوصايا، فقد سرد له فقط ستة وصايا من إجمالي الوصايا العشر، ومن المعروف لنا أن الوصايا العشر تنقسم إلى مجموعتين، أربع وصايا تختص علاقة الإنسان بالله، وستة وصايا تختص بعلاقة الإنسان بأخيه الإنسان.
فإذا كان السيد المسيح يسأل الشاب عن تطبيقه الوصايا المختصة بين علاقة الشاب كإنسان مع أخيه الإنسان، ولم يسأله عن الوصايا التي تختص الشاب بعلاقته مع الله، فذلك لأنَّ السيد المسيح هو الله الظاهر في الجسد، ولذلك فهو لا يسأله عن علاقته بالله، ولكن عن علاقته بالناس، وكأنه يقول (علاقتك بالله أنا الذي أحاسبك عليها وهي علاقة بيني وبينك). ولكن ماذا عن علاقتك بأخوتك ..؟
“الكلمة قريبة منك في فمك وفي قلبك أي كلمة الإيمان التي نكرز بها. لأنك إن اعترفت بفمك بالرب يسوع وآمنت بقلبك أن الله أقامه من الأموات خلصت. لأن القلب يؤمن به للبر والفم يعترف به للخلاص) (روميه 10: 8-10).”
أتمنى أن يكون قد وصلك الجواب يا صديقي.