خربشات سياسية…28 /7/2018
لمَ وجدنا وفداً كردياً مما يسمى قسد في دمشق للتفاوض مع الحكومة السورية؟
ماهي الاسباب الموجبة؟ والنتائج المرتقبة؟
اين اميركا وهم رأس حربتها؟؟ وكيف وافقت على المروق الكردي والعودة الى حضن الوطن الأم والدولة السورية وهي لاتزال تحتل الشرق والشمال السوري؟؟؟!!!
توطئة
برغم التباين الكبير بين تطلعات مايسمى “مجلس سوريا الديموقراطية” والحكومة السورية حول مستقبل الشمال الشرقي، فإن المحادثات التي بدأت علناً للمرة الأولى، تبدو خطوة واعدة لاجتراح حلّ من شأنه تجنيب تلك المنطقة أي تصعيد أو مواجهة.
في زيارة هي الأولى من نوعها، وصل وفدٌ من مجلس سوريا الديمقراطية التي اوجدتها اميركا المحتلة وهي الجناح السياسي لـ “قسد”، مساء اول أمس، إلى دمشق لإجراء محادثات مع الحكومة السورية.
وفي تصريح لقناة “روسيا اليوم”، قالت رئيسة الوفد، إلهام أحمد، إنّ “الوفد وصل إلى دمشق لبحث الأمور السياسية والعسكرية مع السلطات السورية…”
من جهته، أشار الرئيس المشترك لـهذا المجلس رياض درار، إلى أن الوفد يزور دمشق “بناءً على طلب الحكومة السورية”، مؤكداً، في تصريح لـ”فرانس برس” وعلى قناة ام أف.أم، أنه: «ليس لدينا أي شروط مسبقة للتفاوض ونتمنى أن تكون المحادثات ايجابية لمناقشة الوضع في شمال سورية بالكامل”.
وأضاف أنه “كان من المتوقع في البداية أن تركّز المحادثات على أمور مثل تقديم الخدمات”، لكنّ “الأمور تتطوّر لما هو أوسع من ذلك. قد تكون هناك لقاءات بعضها أمني وبعضها سياسي»، وفق ما قال لـ”رويترز وعلى الشام اف. ام”».
ويضمّ الوفد، إلى جانب الهام أحمد، ابراهيم القفطان رئيس “حزب سورية المستقبل” ، إضافة إلى ثلاثة مسؤولين آخرين.
وكان “مجلس سوريا الديمقراطية” قد أعرب يوم 19 تموز الحالي، عن جاهزيته لزيارة دمشق من أجل عقد محادثات مع السلطات السورية، وفتح مكاتبه في كثير من المدن السورية، بينها العاصمة دمشق. كما كشف أنّ وفوداً من دمشق زارت الشمال السوري سابقاً، مشيراً إلى أن هذه الزيارات «كانت إيجابية…”
والسؤال الحق في هذه التطورات الملفتة
أكرادُ سورية يتفاوَضون في دِمشق للعَودة إلى المِظلَّةِ الرسميّة.. ثَلاثَة أسباب تَقِف خلف هذا التَّحوُّل غير المُفاجِئ.. ما هِي؟ ولماذا فَقَدوا الثِّقة فَجأةً بِحليفِهِم الأمريكيّ؟ وكيف استفادوا من دُروس كُردِستان العِراق والمُعارضةِ السُّوريّة؟
الملاحظ الآن ان الأكراد في مايسمى مجلس سوريا الديمقراطية يظهرون بهذه التطورات السياسية درجةً عالِيةً من بُعد النَّظر، والقِراءة الصَّحيحة للتطوّرات الإقليميّة، في وطننا السوري ودُوَل المشرق الكائنة على حافة الهاوية والبركان، وبِما يُميّزهم عن نُظرائِهم الآخرين في شمال العِراق، ويُجنِّبهم مُواجهةً دمويّةً قادِمة مع الجيش السوري المنتفض والمنتصر بعقيدته كصاحب حق، وبعون القوات الرديفة الداخلية وحزب الله والحلفاء كالروس والايرانيين الاوفياء…
الجيش السوري الناهض بكل العزم الذي طبقت انتصاراته كل الجغرافيا السورية بالرغم من مرارة السنوات الثمان على سورية وعليه وماقدمه من شهداء وجرحى ومخطوفين، ربّما تكون المواجهة وبالتأكيد مُكلِفة جِدًّا مادِيًّا وبَشريًّا.
نَسوق هذه المقدمة بعد وصول أنباء عن وصول وفد من مجلس سورية الديمقراطيّة برئاسَة السيدة إلهام أحمد، الرئيسة التنفيذيّة إلى دِمشق لفَتح قنوات حِوار مع الحُكومة أبرز أهدافه التَّوصُّل إلى اتِّفاقٍ سياسيّ يَحفَظ للأكراد حُكمَهم الذاتيّ في شَمال شرق سورية، ويُعيد الخَدمات الرسميّة الأساسيّة إلى المُدن التي يُسيطِرون عليها، مِثل التعليم والصِّحَّة والماء والكَهرباء.
تُسيطِر قُوّات سورية الديمقراطيّة حالياً وهي الذراع العسكري للأكراد والحليف لأميركا وحلفائها، تسيطر على رُبع الأراضي السوريّة حاليًّا، وتحظى بدَعمٍ أمريكيّ، الملفت انهم أقدَموا على هَذهِ الخَطوة، وفي هذا التَّوقيت بالذَّات، لعِدَّة أسباب هي
ـ الأوٍل عدم ثِقتهم المُطلَقة بالأميركان المحتلين، الداعم الرئيس لهم بصفتهم رأس حربته، والمُتواجِدين في قواعد داخِل الأراضي التي يُسيطِرون عليها خاصَّةً بعد أن تخلَّى هؤلاء عن مايسمى المُعارضة المسلحة في جنوب سورية، وإرسالهم رسالةً واضِحةً لقيادتهم، وباللغةِ العربيّة تُؤكِّد أنّها لن تتدخَّل لحِمايَتهم أمام زحف الجيش السوري نحو دَرعا والقنيطرة، وكذلك لدُخول أمريكا في تحالف مع تركيا ضِد أشقائِهم في مِنبج وعِفرين، وتَخلِّيهم عن كردستان العِراق وعدم دعم طُموحات قيادتها في الاستقلال.
ـ الثاني إعلان الرئيس بشار الأسد أنّه بعد سيطرة قُوّاتِه على مساحاتٍ واسِعةٍ من البِلاد باتَت قُوّات سورية الديمقراطيّة “المُشكِلة الوَحيدة المُتَبِقِّية أمامه، وقال “إنّنا أمام خِيارين، أحدهما فتح قنوات الحِوار معهم، وإذا لم يستجيبوا سَنلجأ إلى تحرير تِلك المناطق التي يُسيطِرون عليها بالقُوّة”، ويبدو أنّهم اختاروا الخِيار الأوّل.
ـ الثالث التهديدات التي أطلَقها الجِنرال قاسم سليماني قبل بِضعَة أيّام التي وجَّهها إلى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وقال فيها أنّ هُناك 50 ألف جُنديٍّ أمريكيٍّ باتوا رهائِن تحت رحمة الحَرس الثوريّ وحُلفائِه، ويَقصِد بذلك القُوّات الأمريكيّة في سورية والعِراق، والقواعد في مِنطَقة الخليج، إلى جانب أكثر من عِشرين ألف جندي يتواجدون في أفغانستان تَحت مِظلَّة حِلف الناتو نصفهم من الأمريكان تَقريبًا.
قُوّات ماتسمى سورية الديمقراطيّة تَجنَّبت طِوال السَّنوات السَّبع الماضِية من عُمُر الحرب الكونية على سورية الصِّدام مع الجيش العربيّ السوريّ، وانخَرطت في حَربٍ ضد داعش بدعم أمريكي عسكري مكّنها من السيطرة على مدينة الرقّة عاصِمَة داعش قبل عامٍ تقريبًا، وأدرَكت أنّ الدولة السوريّة يُمكِن أن تُشَكِّل لها الحِماية في مُواجَهة الزَّحف التُّركيّ على مَناطِقها.وان كانت في مناطق اخرى سلمتها داعش حقول النفط والغاز بدون قتال وانسحبت ممايشي بصفقة بين قسد وداعش برعاية اميركية.
موقف الدولة السورية
السيد وليد المعلم، وزير الخارجية، كان أوّل من قدَّم عرضاً، للأكراد يتضمّن استعدادًا للتَّفاوض حول منحهم حُكمًا ذاتيًّا في مَناطِقهم، وهو العرض الذي فاجأهم، مِثلَما فاجأ الكَثير من السُّوريين أيضاً.
لم يُعامِل أحد في المِنطَقة الأكراد مِثلَما عاملتهم الدولة السوريّة التي اعتبرتَهم مُكوِّناً سِياسياً أساسياً مِن مُكوِّنات الشعب السوري، وصَحَّحت أوضاع الآلاف منهم، عندما منحت الجنسيّة السوريّة لحَواليّ رُبع مليون منهم على الأقل قبل الاحداث، وفي بِداياتها، وأرسلت وحدات مقاومة شعبيّة تابِعة لها للقِتال إلى جانبهم في “عفرين”، لمُواجهة العدو التركي وعصاباته التركية والتركمانية والاذربيجانية والايغور… التي كانَت في طريقها للسيطرة عليها.
ربّما يكون من السابق لأوانِه التَّكهُّن بنتيجة هذه المُفاوضات ليس لأنّها في بِداياتها، وإنّما لأنٍها غير مسبوقة أيضًا، ولكنّنا في الوقت نفسه نَشعُر بجُرعَةٍ كبيرةٍ من التَّفاؤل بإحرازِها الكثير من التَّقدُّم على صَعيد القضايا المَطروحة على مائِدة المُفاوضات التي نَرى أنّها تَعكِس تَطوُّراً مَوضوعياً لدَى طَرفيها، السوريّ الرسميّ وكل الشعبي والكُرديّ، ورَغبةً أكيدةً في تَجنُّب الصِّدامات الدمويّة، وهذا عين العَقل والحِكمَة.
أمريكا والعدو الصهيوني والاتراك والغرب خَدعوا الأكراد، وطعنوهم في الظهر، واستخدموهم كوَرقةٍ لخِدمَة أهدافِهم في بذر بُذور الفِتنَة بينهم وبين جيرانهم وأشقائِهم العَرب، وما حدث في كردستان العراق هو أحد أبرز الأمثلة، وآن الأوان في رأينا لاستيعاب هذه الدُّروس الخِيانيّة المَريرة والتَّطلُّع إلى تَلاحُمٍ عَربيٍّ كُرديٍّ مُشتَرك يَخدِم مصالح الطرفين على أُسُس المُساواة والديمقراطيّة، واحترام حُقوق الإنسان.
في الواقع…
تقترب مناطق الجنوب السوري من العودة بنحو كامل إلى كنف الدولة، مع اندحار داعش في حوض اليرموك، وسيطرة الجيش أمس على بلدتي نافعة والشجرة، تمهيداً لاستعادة كامل البلدات الباقية خلال وقت قصير جداً. وبرغم الاستعدادات التي تجري لإطلاق عملية عسكرية ضد التنظيم في بادية السويداء الشرقيةيشارك فيها سكان محافظة السويداءانتقاماً للمأساة التي وقعت مؤخراً، وإنهاء خلاياه ضمن منطقة اللجاة، بات الشمال السوري عنوان المرحلة المقبلة، مع ما يحمله من أسئلة عن مصير إدلب ومحيطها، ومن خلفها مناطق سيطرة الاتراك الغزاة واذنابهم في ريف حلب الشمالي، إلى جانب الشمال الشرقي حيث «قوات سوريا الديموقراطية» والأميركيون. التخوف لدى داعمي المعارضة من تحرك عسكري باتجاه إدلب، بات يفرز تحذيرات يومية من مخاطر عملية كهذه، خاصة أن لا مكان آخر لترحيل “رافضي المصالحات” إليه، وهو ما قد يفضي إلى معادلة القتال حتى النهاية. وبينما يدخل العامل التركي في عفرين والباب ومحيطهما، تبدو مناطق الشمال الشرقي بعيدة نسبياً عن هذا التخوف، وسط التطورات اللافتة في قنوات التفاوض بين مجلس سوريا الديموقراطية ودمشق. وبعد انعقاد المؤتمر السنوي لـ«مسد» والحوارات التي رافقته مع أطياف واسعة من القوى السياسية، أُعلنَت أمس زيارة وفد من «مجلس سوريا الديموقراطية» لدمشق، بناءً على دعوة من الحكومة السورية، هي الأولى المعلنة رسمياً إلى جانب طرح فكرة المشاركة في انتخابات الإدارة المحلية المقررة في 16 أيلول المقبل. وأتى استكمالاً للقاءات بين مسؤولين من المجالس المحلية في مدن الطبقة والرقة ومنبج، وممثلين عن الجانب الحكومي، بحضور روسي، بهدف بحث إمكانية عودة الخدمات الحكومية إلى تلك المناطق. ورغم الاتفاق حينها على عودة الموظفين إلى سدود البعث والفرات وتشرين، ومستشفى الطبقة الوطني، إلا أن الحكومة رفضت استكمال الإجراءات إلا بعد تسلّم كل المؤسسات الحكومية بالكامل، ورفع العلم السوري فوقها
ويصف رئيس «مجلس سوريا الديموقراطية»، رياض درار، في حديث إلى العديد من وسائل الاعلام، اللقاءات التي جرت في دمشق بأنها «إيجابية»، كاشفاً أن «الملف الخدمي كان العنوان الأول لهذه الزيارة التي تهدف إلى بحث مزيد من الحاجات الخدمية، ومعرفة الأجندات التالية التي يطرحها الجانب الحكومي مع الوفد». ويضيف درار القول: «لسنا في مواجهة أو حرب مع النظام السوري، ولن يكون هناك مواجهة، لكن نحاول أن نعمل معاً لبناء سوريا جديدة فيها رأي ورأي آخر»، مشيراً إلى أن «الجيش السوري هو الحامي للبلاد، وقوات سوريا الديموقراطية ستكون جزءاً من هذا الجيش، بعد التسوية».
وتوضح مصادر مقرَّبة من الوفد الزائر في دمشق، أن هدف الزيارة طرح ملف القضايا الخدمية، والاستماع إلى وجهة النظر الحكومية بشأن الحل في الشمال والشرق السوريين، مع طرح فكرة اللامركزية الموسعة كشكل مناسب، بعد إقرارها في مؤتمر الطبقة الأخير. وبالتوازي فإن الجانب الحكومي يرفض مناقشة فكرة «الفيدرالية» أو «اللامركزية»، إلا بما يتوافق مع قانون الإدارة المحلية، مع طرح فكرة تطويره، بالإضافة إلى أنه يريد تمثيل المكوّن الكردي وفق نسبته العامّة في كل جغرافية البلاد، مع الترحيب بالانخراط في الحياة السياسية، ورفض بقاء أي سلاح سوى سلاح الجيش السوري
وحول الموقف الأميركي من القنوات المفتوحة مع دمشق، يقول درار إن «واشنطن وموسكو تعلمان بكل الخطوات في ما يتعلق بالشمال السوري» يؤكد أن الأميركيين لا يعترضون على المحادثات مع دمشق
لافتاً إلى أن «الأميركيين لم يتدخلوا في قرارنا ولم يرسموا لنا أي سياسات تتعلق بموضوع المحادثات».
حول موقف القوات الاميركية
تتحدث مصادر مطلعة على هذا الملف، قائلة إن الولايات المتحدة الأميركية نصحت الأكراد منذ بداية التعاون العسكري معهم، بعدم التخلي عن وجود المؤسسات الحكومية. كذلك تقول إن الأميركيين أبدوا استعدادهم لسحب القوات العسكرية بمجرد التوصل إلى تسوية مع الجانب الحكومي، تكون مقبولة من قبل مجلس سوريا الديموقراطية. وبالتوازي، يعمل المجلس الأخير على تمتين حضوره داخل المحافظات السورية الخاضعة لسيطرة الحكومة، عبر افتتاح مكاتب في عدد من تلك المحافظات، في خطوة أولى تمهّد لتشكيل جسم جديد، يحل بديلاً من المعارضات التي احتلت الواجهة خلال السنوات الماضية. وترى مصادر مقربة من المجلس أن مسار المحادثات في جنيف، وملف «اللجنة الدستورية» لن يكتب لهما النجاح وفق صيغتهما الحالية، مضيفة أن المجلس سيعمل على التفاوض مع الحكومة على مراحل، تبدأ بالتعاون في المجال الخدمي والاجتماعي، لتصل لاحقاً، إذا ما نجحت، إلى الجانبين الاقتصادي والسياسي. ولن يكون مسار المفاوضات سهلاً بالنظر إلى التباين الكبير بين تطلعات كلا الطرفين، للحل المفترض.