سوريون غيروا وجه العالم
الدكتور سهيل النجار…
المعجزة الطبية
الجميع بلا شك قد سمعوا وشاهدوا في الفترة الأخيرة الفيديو الذي تناقلته وسائل التواصل الاجتماعي عن الدكتور السوري سهيل النجار الذي يوصف في اميركا بالدكتور المعجزة نظرا لعلاجه لمرض نادر لطالما أودى بأصحابه الى مشافي الأمراض العقلية…
من هو الدكتور سهيل ؟وكيف بدأت شهرته؟ وأين هو الآن؟
ولد الدكتور سهيل النجار في دمشق ودرس الطب في جامعتها وتخرج منها وهو يحمل شهادة الدكتوراة في اختصاص الأمراض العصبية عام (1983)م
عاش في دمشق لفترة قصيرة ثم انتقل إلى الولايات المتحدة الأمريكية و قرر أن يكمل أبحاثه و دراسته في كلية ( ألباني ) الطبية في نيويورك.
وعُين زميلاً في مشفى جامعة نيويورك للأمرض المشتركة في قسم “الصرع و فيسيولوجيا عصبية سريرية.”
ثم عين زميلاً في علم الأعصاب في كلية الطب في جامعة نيويورك.
وهو أحد الخبراء الأوائل في مجال معالجة الإلتهاب الدماغي.
وهو أول طبيب في تاريخ جامعة نيويورك يقوم بتحديد آلية التفاعل بين نظام المناعة والجملة العصبية المركزية.
سطوع نجمه
بدأت قصته في عام (2009) مع صحفية شابة تدعى (سوزانا كاهلان) ذات الـ24 ربيعاً، فقد حيَّر مرض سوزانا العصبي الأطباء في نيويورك، حيث كانت أحوالها تتبدل فجأة وبسرعة بين السعادة والاكتئاب، وبين الهدوء والاضطراب، فلم يتمكنوا من تشخيص حالتها، واعتبرها بعضهم أنها مختلة عقلياً ومريضة نفسياً، وجزموا ألا أمل بشفائها.
وفجأة بعدما كانت عائلتها أصابها اليأس من الشفاء، استجابت العناية الإلهية لدعوات والدتها عندما اقترح احد الأطباء عليهم مراجعة طبيب يدعى سهيل نجار، وهو أمريكي من أصل سوري، لكنه نابغة وعنده دائماً حلول لكل مشكلة، وبالفعل توصلت العائلة إلى هاتفه ورتبت له زيارة للمركز الطبي المحتجزة به ابنتهم الشابة
وبعد الاطلاع على عشرات الأشعة المقطعية على المخ، وعلى تحاليل الدم المختلفة، اقترب من سوزانا وقدم إليها ورقة بيضاء وقلماً مطالباً إياها برسم ساعة
استجابت الشابة بيدين مرتعشتين، ورسمت دائرة ثم توقفت قليلاً ووضعت كل الأرقام من 1 إلى 9 على الجانب الأيمن.
الآن أصبح لدى نجار عدة عوارض رئيسة يمكن أن تكون بداية لتشخيصه، وهي حالات التشنج، ضغط الدم المرتفع، عدد كريات دم بيضاء مرتفع بالنخاع الشوكي، إضافة إلى الرسم المضطرب للساعة.
توصل نجار إلى تشخيص مبدئي بأن سوزانا تعاني من اضطراب بالجانب الأيمن بالدماغ، الذي يتحكم بالجانب الأيسر من الجسد، وتولدت لديه قناعة بأنها تعاني عارض نادر للغاية تهاجم فيه جسيمات مضادة نظام المناعة مسببة التهاب الدماغ، وللتأكد من صحة تشخيصه المبدئي أرسل عينة دم، وعينة من النخاع الشوكي لتحليلها بمعامل جامعة بنسلفانيا. إضافة إلى إجراء جراحة بسيطة في المخ.
بعد أسبوعين وصلت نتائج التحليل إيجابية، لتثبت صحة التشخيص، إذ رصد البروفيسور (جوزيف دالمو) من الجامعة أجساماً مضادة نادرة تعرف طبياً
(Anti NMDA)
وتعني تعرض المستقبلات في الفص الجبهي الأمامي (المسؤول عن الإدراك والوعي لدى الإنسان) للمهاجمة من قبل أجسام غريبة، وتبع ذلك تأثر الجانب الأيسر المسؤول عن مركز العاطفة بالمخ ما تسبب في خلل بالجهاز المناعي.
كان البروفيسور دالمو من جامعة بنسلفانيا هو أول من نجح في اكتشاف هذه الأجسام المضادة بالعام (2007) وحتى وقتها كان المرضى المصابون به يعاملون على أنهم مختلون عقلياً، يودعون مراكز الرعاية الصحية بدون أمل في الشفاء
وبحسب دراسة دالمو فإن النساء هن الأكثر عرضة للإصابة بهذه الجسيمات المضادة ربما لأسباب جينيه، وبيئية…
وحتى الآن لم ينجح الأطباء في تشخيص 90% من الحالات المصابة، و10% فقط كتبت لهن النجاة وأغلبهن ممن ساقتهن العناية الإلهية لمراجعة الطبيب سهيل نجار الذي لم يضع وقتاً لبداية علاج (سوزانا كاهلان) معتمداً على جرعات من الغلوبولين المناعي لمقاومة الأجسام المضادة المهاجمة للمخ، مع جرعات عالية من (steroids)
لمقاومة الالتهاب، مع استخدام آلة بلازما طبية لاستخراج الجسيمات الضارة عبر أنبوب متصل بوريد دقيق بالرقبة.
استغرق علاج كاهلان أسبوعاً واحداً، سمح لها بعدها بمغادرة المستشفى إلى منزلها مع الانتظام بتناول عقاقير طبية محددة، ومراجعة الدكتور نجار على مدار الستة أشهر التالية، وبعد قرابة العام أعلن الأطباء شفاء كاهلان تماماً من حالتها الغريبة النادرة بعد ما كان من الممكن احتجازها بمصحة عقلية مدى الحياة.
وقامت الصحفية الشابة سوزانا في أواخر عام (2012) بتأليف كتاب بعنوان:
“دماغ مشتعل””Brain on fire”
فحقق المرتبة الأولى من حيث عدد المبيعات لنيويورك تايمز شرحت فيه سوزانا معاناتها مع المرض وقالت إنه كان يمكن أن تقضي حياتها في مصح عقلي، لولا خبرة ومهارة الدكتور سهيل نجار، في معرفة مرضها الحقيقي وعلاجه جراحياً
وفي نهاية عام (2016) تم إنتاج فلم مستمد من الرواية التي ألفتها سوزان ويحمل نفس الاسم.
وتوجد حالات طبية مستعصية عديدة مماثلة لحالة سوزانا، قام بعلاجها وشفائها، ما جعله أحد عباقرة الطب في أمريكا
يشغل حالياً رئيس قسم علم الأعصاب في مشفى ( لينوكس هيل ومشفى جامعة ستاتن إسلاند) ورئيس و أستاذ علم الأعصاب في كلية ( هوفسترا نورث شور لي ) للطب.
لمثلك دكتور تُرفع القبعات ونفتخر بأمثالك ممن غيروا وجه العالم
الصورة للدكتور سهيل النجار مع غلاف الكتاب الذي يحكي القصة الشهيرة