أبانا الذي في السموات …
(قصة روحية)
دخلت إحداهن إلى الكنيسة للصلاة كعادتها صباح كل يوم، وهي في طريقها إلى عملها، وجلست على احد مقاعد الكنيسة، اعتادت ان تجلس عليه دوماً في صلاتها اليومية، وابتدأت كعادتها بالصلاة الربانية فقالت:
“أبانا الذي في السموات…”
وهنا سمعت صوتاً يقول لها: “نعم أنا هو ماذا تريدين؟”
قالت بذعر: “أنا هنا لأتلو الصلاة الربانية…”
فقال لها: “أعرف، فأنا أراك تأتين صباح كل يوم، وتتلينها من كل قلبك. لكني احببت اليوم ان أُناقشك في مضمونها…
على أية حال أكملي الصلاة.”
تابعت السيدة صلاتها: ليتقدس اسمك، ليأت ملكوتك لتكن مشيئتك كما في السماء كذلك على الأرض…”
وهنا قاطعها مرة أخرى قائلا: ” أحقاً تريدين مشيئتي أن تتم على الأرض؟
فكيف إذاً لا تهتمي لها في حياتك، وتفعلين مشيئتك أنت طوال الوقت بلا مبالاة؟
أكملي الصلاة لنرى.”
رفعت السيدة عينيها وقالت بنبرة حزن: “الحياة مليئة بالمغريات ومن الصعب الوقوف في وجهها!”
! مليئة بالمغريات نعم، ولكنك لم تطلبي معونتي قط”
أكملي…”
أخذت تكمل الصلاة: “خبزنا الجوهري أعطنا اليوم…”
وهنا قاطعها مرة أخرى قائلا: ” ولماذا كنت تتذمرين بسبب معيشتك، و تعترضين على ما عندك كل يوم دون رفع شكر بسيط لأجل خبزك الجوهري اليومي الذي لم يَنفُذْ قط؟
أكملي الصلاة.”
أكملت السيدة الصلاة، وهي متفكرة بكل هذه الأمور: “اترك لنا ماعلينا كما نترك نحن لمن لنا عليه…”
وهنا أيضا قاطعها مجدداً: ” متى أخر مرة غفرت لأخيك أو جارتك أوزميلتك في العمل؟
لماذا تطلبين الغفران وأنت لم تغفري؟ أنا أرسلت ابني الوحيد ليمت بدلاً عنك على الصليب غفرانا لخطاياكِ وقد غفرت لآدم ولحواء خطيئة المعصية، وابني الوحيد يسوع غفر لصالبيه بقوله لي مستعطفاً: “يا أبت اغفر لهم لأنهم لايدرون مايفعلون”
أما أنت فلم تغفري…
أكملي الصلاة. ”
أكملت السيدة والدموع ابتدأت تترقرق في عينيها
” ولا تدخلنا في تجربة…”
اجابها مقاطعاً: “أنا لم أُدخلك في تجربة قط! أنت من كان يركض إليها لأنك كنت تقومين بما تمليه عليه إرادتك…
أنت لم تفكري يوماً قط باستشارتي أو حتى في طلب إرادتي في حياتك،
أكملي الصلاة.”
ختمت بخاتمة الصلاة الربانية
“بل نجنا من الشرير، لان لك الملك و القوة و المجد ايها الآب والابن والروح القدس الآن وكل أوان والى دهر الداهرين آمين.”
قال لها الرب: ” لقد نجيتك من شرورٍ كثيرة، و لكنك كنت مشغولة بأمور الحياة فلم تعيريني اهتمامك ولم تلاحظي محبتي لك…
يا ابنتي الصلاة هي اتصالك الشخصي بي، وعندما تأتي إلي لتصلي تكون إذني صاغية لصلاتك عندما تكون نابعة من القلب…
الصلاة هي شركة معي وليس فرض. فلا ترددي كلمات لا تفهمي معناها أو تعنيها من كل قلبك!.”
هنا ابتدأت السيدة بالبكاء، ورفعت عينيها نحو الصليب الذي عليهالرب يسوع المرفوع في أعلى الأيقونسطاس…
وقالت:” أشكرك أبي السماوي لأنك فتشت عني مرتين، مرة بموت إبنك على الصليب، و مرة أخرى بجذبك لي. إغفر لي أبتي واقبل ندمي، اقبلني إبنة لك يارب، لأن لك المجد من الآن وإلى الانقضاء.
مسحت دموعها، وقبلت الأيقونات وأقدام المصلوب ورسمت إشارة الصليب ثلاثاً على كامل جسدها، وسجدت ثلاثاً وهي تصلي: أيها الرب يسوع المسيح ارحمني وخلصني انا عبدتك الخاطئة.”
تشددت السيدة وخرجت من الكنيسة، وهي واثقة بأن أباها السماوي راضٍ عن صلاتها البسيطة هذه لأنها كانت نابعة من قلبها المؤمن.
لراحة نفوسكم
“…وحينما تصلون لا تكرروا الكلام باطلاً كالأمم، فإنهم يظنون أنه بكثرة كلامهم يُستجاب لهم.”