الملحن الفنان والموسيقار حليم الرومي…
(1كانون الأول 1919-1972) موسيقار وملحن فلسطيني.
اسمه الأصلي حنا عوض برادعي، حملت العائلة لقب” الرومي” لانتمائها إلى طائفة الروم الكاثوليك.
وهو من مواليد فلسطين في1كانون الأول 1919
بداية المشوار
كما تشير المراجع فإنه من مواليد الناصرة في فلسطين، بدأ دراسته الموسيقية في المعهد الموسيقي الوحيد في حيفا ، وقد قُبل فيه وهو في سن السادسة عشرة، تقديراً لموهبته، بالرغم من أن القبول في هذا المعهد كان يقتصر على الطلاب الذين أكملوا الثامنة عشرة من عمرهم. ويقال أن والده عَوَض، كان صوته جميلاً لكنه لم يغن. في أوائل الأربعينيات بدأ حياته الفنية في مصر قبل حصوله على شهادة الدبلوم، فقدم أولى حفلاته في الإذاعة المصرية سنة 1938.
في الفترة الأولى كان يطلق على نفسه لقب “الفنان المجهول”، لأنه كان يشعر بمسؤولية دوره كفنان ويخشى الفشل، ولكنه سرعان ما عرف النجاح فنياً وشعبياً، فكشف عن اسمه الحقيقي، وبدأ نشاطه على نطاق واسع في الإذاعة والمسارح والاستعراضات كمطرب وملحن، وكوّن لنفسه شخصية فنية خاصة، يشهد له بها الفنانون المصريون في تلك الفترة.
“خليفة الست ام كلثوم
في أواسط الثلاثينات كان “حليم” يتنقل بين فلسطين ومصر. وأكمل تعليمه الموسيقي في معهد فؤاد الأول للموسيقى العربية في القاهرة، وأنهى دراسته في مدة سنتين بدلاً من ست سنوات لنبوغه في مجال الموسيقى.
وقدم أولى حفلاته في الإذاعة المصرية. وكان حليم الرومي قد بدأ حياته الفنية كهاوٍ سنة 1935، فشارك في بعض الحفلات الخاصة وحفلات المسارح والمهرجانات في حيفا. وحمل اسم خليفة الست ام كلثوم
في صيف عام 1936 غنى للمرة الأولى في لبنان، في أحد فنادق مصيف برمانا الشهيرة (جبل لبنان) إلى جانب بعض المطربين اللبنانيين المشهورين في ذلك الوقت مثل غرام شيا، ولور دكاش، ووديع الصافي
وقد اُعجب بصوته وأدائه السيد منير دلّة الذي ساعده لدخول معهد فؤاد الأول للموسيقى العربية في القاهرة، ثم شارك كمطرب وملحن من خلال المسارح والاستعراضات، ولُقُب في مصر حينها بـ”خليفة أم كلثوم” كما اسلفنا، لإبداعه وتميزه في مجال الغناء.
عمل في “إذاعة الشرق الأدنى” التي اقامها الانتداب البريطاني، وكان مقرها وتبث من فلسطين وهي محطة متميزة، وعمل فيها كمطرب وملحن وعازف، ونظراً لأدائه المتميز، اعتمدته الاذاعة في جميع الاحتفالات والمناسبات.
وفي الفترة نفسها فاز بجائزة تلحين نشيد الجيش الأردني، بعد ذلك تسلّم رئاسة القسم الموسيقي في “إذاعة الشرق الأدنىط، ساهم في تحديثها وإعادة تنظيمها حتى أصبحت من أهم الإذاعات في الشرق الأوسط.
زواجه واولاده
في أواخر الأربعينيات تزوج من الآنسة ماري لطفي فلسطينية الأصل وأنجب منها عوض ومها ومنى و”ماجدة”.
سنة 1937، حيث أتم تحصيل علومه الموسيقية في معهد فؤاد الأول خلال سنتين بدلاً من ست سنوات، وحاز على الدبلوم سنة 1939، الأمر الذي اعتُبر في حينه سابقةً لم تحدث في تاريخ المعهد.
في أواسط الأربعينات وفي القاهرة تعرّف على المنتج السينمائي إبراهيم وردة، وشارك في تمثيل فيلمين سينمائيين هما “أول الشهر” و”قمر14″ الذي غنى فيه “يا مساء الورد على عيونك”.
عاد إلى بيروت عام 1950، وعُين رئيساً للقسم الموسيقي في إذاعة لبنان، وكان له دور كبير في رفع مستوى الأغنية اللبنانية، وتقديم عدد كبير من المطربين والفنانين
اكتشاف فيروز
التقى الموسيقار والملحن حليم الرومي في أواخر الأربعينات بالمطربة فيروز حين تقدمت لامتحان القبول في إذاعة لبنان. فأعجب بصوتها وقدم لها أول لحن هو:”تركت قلبي وطاوعت حبك” وكان ذلك عام 1950، ثم أغنية ثانية هي: “في جو سحر وجمال”، واشتركت معه في أغنية دويتو من ألحانه هي: “عاشق الورد”، كما لحن لها أغنية جميلة أيضاً هي: “أحبك مهما أشوف منك”
مع الرحابنة
بعد هذه الأعمال المشتركة بينهما التي قدمها “حليم” للأخوين رحباني. الا ان عاصي الرحباني لم يتشجع في البداية لها، لعدم تأكده من إمكانياتها في تقديم اللون المعاصر الذي يطمح إليه.
هنا كان دور “حليم” بإقناعه، لأنه كان أكثر من يعرف قدراتها ومواهبها، وكان هو من اقترح عليها اسم “فيروز” بدلاً من اسمها الحقيقي نهاد حداد.
ولـ”حليم” الفضل أيضاً في اكتشاف وتقديم الكثير من الأصوات وتدريبها وتعليمها أمثال سعاد محمد، وفايزة أحمد، ونصري شمس، ونونا الهنا.
فن الموشحات
خاض “حليم” غمار تلحين وغناء الموشحات، وهذا النوع من الغناء لا يقدر عليه إلا من يمتاز بقدرات فنية متميزة. كان يعي أهمية هذا اللون الفني كونه من منبع عربي أصيل وليس دخيلاً، وفي الوقت نفسه يضم كنوز التراث الموسيقي العربية، والمقامات والأوزان، وهي مرجع كبير للموسيقيين ولا يمكن تغيير معالمها، فتحافظ على التماسك مع مرور السنين وتُحفظ من التعديل أو التغيير.
وأهم ما في غناء الموشحات أنها قابلة للغناء الجماعي، فيمكن تداولها وتوارثها بين الناس بعكس الغناء الفردي الذي يُنسى معظمه برحيل صاحبه.
لم يكن مفاجئاً أن يحصل “حليم” على الجائزة الأولى في مسابقة تلحين الموشحات الأندلسية والتي نظمها مجمع الموسيقى العربية في تونس عام 1972. وفي هذا السياق لحن “حليم” موشحات منها: “يا أٌهُيل الحي” و”وجب الشكر علينا”، و”يرنو بطرف”.
رقاده
في أواخر 1972 كانت نهاية رحلة “حليم” التي سبقتها فترة مرض ومعاناة بعد مشوار طويل من العطاء في مجال الغناء والتلحين. ما يثير الاستغراب أن صاحب الألفي لحن مُغيّب عن وسائل الإعلام علماً بأن أعماله جديرة بأن تسمعها الأجيال الحالية خاصة أنه قدم العديد من ألوان الغناء في مجال القصيدة والموشح باللهجات المحلية.
ماجدة والوفاء لأبيها
في البدء أشفق “حليم” على ابنته ماجدة الرومي من العمل في مجال الغناء، ولم يكن متشجعاً لذلك بل كان معارضاً، إلا أنه فيما بعد لحّن لها مجموعة من الأغنيات منها “لبنان قلبي”، و”العيد عيد العالم يا أمهات” واسماها “صوت السلام والمستقبل” وقد حملت شعلته الفنية عالياً
وأعادت ماجدة الرومي، وفاءً لذكرى والدها، بعض الأغنيات التي غنّاها ولحنها طيلة فترة حياته، منها “يرنو بطرف”، و”يا مكحل رمشك ليه يعني”، و”اسمع قلبي شوف دقاته”، ثم أعادت بصوتها بعضاً من أغانيه وبأداء وإخراج تلفزيوني مبهر جداً منها “يا معذب قلبي”، و”اليوم عاد حبيبي”، و”يا مساء الورد على عيونك” وفي إهداء خاص إلى ورح والدها أعادت من غنائه ولحنه أيضا أغنية “سلونا”.
الخاتمة
غيض من فيض من سيرة نابغة في الموسيقا العربية والالحان والعزف، هو حليم الرومي ويكفي بعد هذه السيرة النقية انه
هو والد الفنانة القديرة جداً التي سارت على خطى والدها ماجدة الرومي، ويكفي انه الذي اكتشف قيثارة الغناء العربي فيروز وقدم أكثر من ألفي لحن للمكتبة الموسيقية العربية ولكبار المطربين، ومع ذلك نسيه التاريخ.
(بعض من مذكرات حليم الرومي طباعة و نشر دار رياض الريس 1992)