Quantcast
Channel: د.جوزيف زيتون
Viewing all articles
Browse latest Browse all 1470

القديس الشهيد الجندي العثماني”عمر تونوم”…الشاهد والشهيد

$
0
0

القديس الشهيد الجندي العثماني”عمر تونوم”… الشاهد والشهيد

في عام 1579 في عهد صفرونيوس الرابع (1579-1608) بطريرك المدينة المقدسة أورشليم للروم الأرثوذكس، قامت جماعة من الأرمن الأثرياء ودفعوا مالاً للسلطان مراد الثالث (1574- 1595) لكي يمنحهم الحقّ في إتمام خدمة فيض النور المقدس، في يوم السبت العظيم دون سواهم. فاستجاب السلطان لمطلبهم ومنحهم ما يريدون.

ولما جاء يوم السبت العظيم المقدس، وكان واقعاً في 18 نيسان من تلك السنة المذكورة، حضر الجنود العثمانيون إلى كنيسة القيامة، وقاموا بإخراج البطريرك صفرونيوس الرابع ومعه كل الروم الأرثوذكس من الكنيسة، وأدخلوا الأرمن فقط ثم أغلقوا الباب. وبدأ الأرمن في الداخل صلواتهم إستعداداً لبزوغ النور المقدس… أما البطريرك صفرونيوس فقد جثى على ركبتية قرب باب الكنيسة، حزيناً بسبب ما حصل، منتظراً ما ستؤول إليه الأحداث، ومعه جمعٌ غفير من الشعب الأرثوذكسي، الذين توافدوا من أقطار عديدة لكي ينظروا بابتهاج معجزة فيض النور المقدس من قبر السيد المسيح، مصابين بخيبةٍ كبيرة!! وكان قد إنتشرَ عددٌ من الجنود العثمانيين في ساحة كنيسة القيامة وما حولها، يشرفون على تنفيذ الإرادة السُلطانية، ويراقبون الأمن تحسُّباً لأي شغبٍ يمكن أن يحصل.

ومضى الوقت، والأرمن في الداخل يصلّون وينتظرون بزوغ النور الإلهي من داخل القبر المقدس، عندئذٍ حدثت المعجزة الغير متوقّعة على مرأى آلاف الناس المحتشدين خارج كنيسة القيامة، حيث إنشقّ فجأة العامود الرخامي الذي على يسار باب الكنيسة، حيث كان البطريرك صفرونيوس ساجداً، وخرج منه النور المقدس كأنه صاعقة من البَرق، وأضاء الشموع التي كانت في يديه، ووسط حالة العجب والذهول، نهضَ عن الأرض وأعطى النور المقدس للمؤمنين الواقفين خلفه ليشعلوا منه شموعهم! ولم يخرج النور من القبر المقدس نفسه في ذلك العام. بعد ذلك فُتحت أبواب كنيسة القيامة وغادرها الأرمن خجلين مما حدث!!

ايقونة القديس الشهيد "عمر تونوم"... الشاهد والشهيد
ايقونة القديس الشهيد “عمر تونوم”… الشاهد والشهيد

هذه المعجزة، شاهدها في تلك اللحظة أحد الجنود العثمانيين المُكلّفين بالحراسة قرب الكنيسة، وكان واقفاً على منارة المسجد المقابل للكنيسة، واسمه “عمر تونوم” فارتاع كثيراً من هول ما رآه، فصرخ بأعلى صوته يقول: « عظيمٌ هو إيمان المسيحيين، هذا هو الإيمان الحقيقي…» ومن شدّة إنفعاله قفزَ من أعلى المنارة إلى أسفل، فامتصّت الأرض صدمة قدمه دون أن يُصاب بأذى. غير أن العثمانيين قبضوا عليه وفوراً طبّقوا عليه حُكم الرِدّة عن الإسلام، فقتلوه وأحرقوا جثته. ثم جاء بعد ذلك مسيحيون من الروم وجمعوا ما تبقّى من رفاته وأخذوها، وهي ما تزال محفوظة إلى يومنا هذا في دير العذراء «الميغالي باناجيّا» (Η μεγάλη Παναγία) في البلدة القديمة بالقدس. وتُعيّد الكنيسة الأرثوذكسية للشهيد “عمر تونوم” في 18 نيسان من كل عام.

وجدير بالذكر أنه لما بلغ خبر الأعجوبة إلى السلطان مراد الثالث في الأستانة، أصدر فرماناً يقضي فيه بإعادة حقّ إتمام مراسم سبت النور للروم الأرثوذكس ليكون محصوراً بهم دون سواهم.

وما يزال هذا العامود المشقوق الذي خرج منه النور المقدس عند باب كنيسة القيامة، ظاهراً كما هو في الصورة المرفقة، يحكي في صمتٍ صارخ لكل زوّار الكنيسة تاريخ المعجزة، ويقف شاهداً على عظمة الرب وقدرته. كما نرى أيضاً أيقونة للقديس الجندي الشهيد “عمر تونوم” بلباسه وعمامته العثمانية، يحمل بيمناه صليباً، وفي يده اليسرى رِقَّاً كُتبت فيه كلمات الإعتراف بالإيمان التي تفوّه بها عند رؤيتة للأعجوبة، وقبل أن يستشهد. وخلفه في الأيقونة تظهر كنيسة القيامة، ونرى النور المقدس يشقّ العامود ويخرج منه.

أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ إِنْ سَكَتَ هؤُلاَءِ فَالْحِجَارَةُ تَصْرُخُ”

فيض النور من القبر المقدس
فيض النور من القبر المقدس
بطريرك اورشليم الارثوذكسي ومعه النور المقدس
بطريرك اورشليم الارثوذكسي ومعه النور المقدس

(لوقا 19: 40)

نقله عن اليونانية بتصرّف
الراهب رومانوس الكريتي

(المقال منقول من صفحته على الفايسبوك Romanos kritikos)

المراجع باليونانية:

αρχιμανδρίτη Δανιήλ Γούβαλη Το θαύμα της πίστεως, Αθήναι 1985, σελ. 35-36.

Πανάγιον του Γεωργίου Εμμ. Πιπεράκι, έκδ. «Η Μεταμόρφωσις του Σωτήρος» Μήλεσι 2006, σελ. 97.


Viewing all articles
Browse latest Browse all 1470

Trending Articles