Quantcast
Channel: د.جوزيف زيتون
Viewing all articles
Browse latest Browse all 1470

الأمطوش الأنطاكي في موسكو

$
0
0

الأمطوش الأنطاكي في موسكو

التعريف

لفظة امطوش من اصل يوناني ” مطوخيون ” MITOKION وتعني مقراً رهبانيا لكنيسة مستقلة ضمن كنيسة أخرى مستقلة، وتطور الحال الى قياسها بدار سفارة بطريركية لدى بطريركية اخرى قي العالم الارثوذكسي بما يستوي مع الاعراف الدبلوماسية ومقرات العثات الدبلوماسية

الامطوش الانطاكي في موسكو هو مقر يتبع لبطريركية انطاكية وسائر المشرق لدى البطريركية الروسية وهو دار اقامة للمعتمد الانطاكي في موسكو، وفيه كاتدرائية واوقاف وكهنة وعلمانيين للخدمتين الروحية والزمنية وتعود عائدات الكنيسة والخدمات و… الى البطريركية الانطاكية في دمشق.

يقابله في دمشق مقر مماثل للبطريركية الروسية الارثوذكسية يقع في منطقة غربي المالكي له الصفة الدبلوماسية عند الدولة السورية ويقيم فيه المعتمد البطريركي الروسي ويضم كنيسة القديس اغناطيوس الانطاكي…

شعار روسيا
شعار روسيا

لمحة تاريخية

تأسس الأمطوش الأنطاكي في موسكو عام 1848 حسب القوانين والتقاليد الكنسية المرعية بين الكنائس الأرثوذكسية، وذلك في زمن البطريرك الأنطاكي مثوديوس( 1825-1850) ومتروبوليت موسكو  فيلاريت الذي اعلنت الكنيسة الروسية قداسته مؤخراً.(1)

وكانت اسباب التأسيس قد تمت  بسعي من مطران بعلبك ناوفيطوس الحلبي الذي ذهب في العام 1842 موفداً من البطريرك الانطاكي ميتوديوس لجمع التبرعات من الروس الغيورين على الايمان الارثوذكسي في ظل الفاقة المادية والروحية الرهيبة التي كان يعاني منها الكرسي الانطاكي المقدس بكل ابرشياته وازدياد ديونه بالفائدة وضعف الاكليروس وافتقارهم للمعرفة اللاهوتية، والحاجة الى مدارس وكنائس ورهبنات مؤهلة تقاوم  ضراوة التبشير اللاتيني بعشرات الارساليات الرهبانية اللاتينية والكاثوليكية من الفاتيكان وفرنسا وايطاليا واسبانيا… بالرهبان من الجنسين وجميع افرادها من المتميزين في شتى العلوم اضافة الى اللاهوت والمدججين بالمال الوفير، وقد فتحوا المدارس التي تتبع لهذه الرهبنات وكانوا قد استمالوا فريقاً عزيزاً من ابناء الرعية الارثوذكسية منذ بدء بتبشيرهم منذ مطلع القرن السابع عشر وادى الى انشقاق وخروج الروم (الكاثوليك) عام 1724  رسمياً ونشوئهم ككنيسة تتبع الكرسي الروماني الكاثوليكي  في قلب الكنيسة الارثوذكسية، ونالوا الترخيص الرسمي كبطريركية مستقلة لهم عام 1835 من  الحكم المصري لبلاد الشام اولاً بحكم الحملة المصرية بقيادة ابراهيم باشا ابن محمد علي وثانياً من السلطنة العثمانية.(2)

الامطوش الانطاكي في موسكو
الامطوش الانطاكي في موسكو

ذهب ناوفيطوس لجمع التبرعات واوفد البطريرك متوديوس معه الارشمندريت صفرونيوس والراهب انثيموس وامين سره يوحنا باباندوبولو، وزودهم بالتعليمات اللازمة بعد التهيئة لهذا الايفاد مع القنصل الروسي العام في بيروت الذي كان يتنامى قلقه من ضراوة التبشير اللاتيني المتعاظم وينقل لدولته ولمطران موسكو صورة حية متلاحقة عن هذا الاستلاب وبذلهم الاصفر الرنان لقلب الارثوذكس ولاسيما ان معظم الرعايا الارثوذكسية /وخاصة الرعية الدمشقية/ كانوا فقراء، اضافة الى نشوء خطر جديد وهو ولوج الارساليات البروتستانتية من انكلترا وايرلندا والمانيا واميركا خط الجبهة المشرقية، والتهافت على انتزاع ابناء الكنيسة الرومية الانطاكية الارثوذكسية بفتح المدارس وكان منها المدرسة السورية البروتستانتية ( الجامعة الاميركية لاحقاً) والكنائس وايفاد الطلبة الانطاكيين المتميزين الى جامعاتهم ومعاهدهم اللاهوتية،  وقد جعلوا اماكن عملهم تحديداً في المنطق الجبلية الفقيرة كبلودان وجبل الشيخ وضهور الشوير  وحاصبيا وحقق البروتستانت بدورهم مكاسب عظيمة على حساب الوجود الانطاكي الارثوذكسي…

حمل الوفد البطريركي الانطاكي معه بياناً او منشوراً بطريركياً الى المجمع الروسي المقدس، ومتروبوليت موسكو يستثير به حمية المحسنين الروس لمساعدة الكنيسة الانطاكية التي كانت هي الاساس في اعتناقهم المسيحية الارثوذكسية وفي جعل كنيستهم بطريركية…

جاء في المنشور البطريركي ” ان كنيسة انطاكية رزئت  منذ القديم بنير الذل والفقر، ثم أحاطت بها الأخطار، فقام الرومانيون الكاثوليكيون يبثون عقائدهم في صدور المؤمنين، ثم اغتصبوا أفضل الكنائس  والاديار(3) ونهبوا هياكل العبادة ودور الكتب، فأمست بعض الكنائس والأديار خالية خاوية، وأضحت معظم المعابد القائمة فقيرة تنقصها الآنية والأغطية، والمؤمنون هائمون في أودية الجهل، تائهون في شعاب البربرية: لامدارس لهم ولا معلمين ولا مؤسسات عمومية تهتم بشؤونهم، فاذا ما اجملَ المؤمنون الروسيون الصنع وساقوا الجميل، فإن ما يُجمع منهم سيكرس لإنشاء المدارس والمطابع ولترميم كنيسة القديس نيقولاوس العجائبي في دمشق (4)، وغيرها من الكنائس القديمة والأديرة، ولتشييد بعض الابنية المسيحية العامة التي لايستغنى عنها”.وقع هذا البيان البطريركي بالاضافة الى البطريرك مثوديوس كل من المطارنة: مثوديوس (حمص) وبنيامين (بيروت) وايوانيكوس (طرابلس)، وارميميوس (اللاذقية) وزخريا(عرقة) وبرنابا (حماه) ويعقوب (سلفكية) وأشعياء (صور وصيدا) (5)

البطريرك ملاتيوس الدوماني
البطريرك ملاتيوس الدوماني

كان الهدف ايضاً الحصول على منح دراسية لتدريس ابناء انطاكية في المعاهد اللاهوتية في موسكو وقازان وكييف… اضافة الى العلوم الزمنية في الجامعات الروسية، وبذل الروس التقدمات بدءا من البلاط والكنيسة بتخصيص كنيسة في موسكو مع اوقاف وابنية جعلتها امطوشا للكرسي الانطاكي وتدر ريعية مستمرة للكرسي في الشام، اضافة الى تخصيص الكرسي الانطاكي بمنح دراسية كما اسلفنا واحدثوا وقفية علمية اكليريكية باسم “وقفية ناوفيطوس” ينفق منها على ايفاد الطلاب المتميزين من الكرسي الانطاكي في كل عام دراسي. وصار المطران ناوفيطوس اول معتمد بطريركي انطاكي في موسكو وتم في عهده احداثات واضافات الى الامطوش وصار يستقبل ما امكن من الطلبة الأنطاكيين الدارسين في موسكو.

كان ذلك في زمن المطوب الذكر القديس العظيم فيلاريت متروبوليت موسكو، صاحب كتاب التعليم المسيحي المطول، وكان محباً للكنيسة الارثوذكسية الجامعة ويكن احتراماً كبيراً للكرسي الانطاكي المقدس ومتألم للوهن الذي اصابه نتيجة حملات الاستلاب واستباحة خرافه من وسط حظيرته الامينة والشاهدة ابداً على المسيحية والمتجذر في المشرق وبقائه بالرغم من كل المحن والنكبات والاضطهاد الديني والتغيير الديموغرافي.(6) والمعروف عن المتروبوليت فيلاريتوس دفاعه الهائل عن صحة العقيدة الارثوذكسية وهو صاحب كتاب ” التعليم المسيحي المطول”، ولما اتصل به الوفد واطلعه على البيان البطريركي، هب للعمل وتلبية النداء، فعرض الموضوع على المجمع الروسي المقدس واستأذنهم  بأن تعطى كنيسة الصعود والقديس ايبانيوس القريبة من الكرملين في موسكو للكرسي الانطاكي. فأقر المجمع الطلب ورفعه الى القيصر الذي وافق على أن نتعطى الكنيسة وجميع الموجودات فيها ومايخصها من الاراضي المجاورة الى الكرسي الانطاكي وقفاً لبناء أمطوش بطريركي أنطاكي في موسكو على أن تكون وارداته مخصصة للتنشئة الاكليريكية.

الامطوش الانطاكي في موسكو
الامطوش الانطاكي في موسكو

وابتدأ العمل على انشاء الأمطوش بهمة رئيس الوفد مطران بعلبك ناوفيطوس، وكان هو اول معتمد انطاكي ، فاشترى بيتاً مجاوراً للأمطوش من ماله الخاص، وكان يرسل جميع واردات الامطوش تباعاً الى الكرسي الأنطاكي، وقد بقي رئيساً عليه مدة خمس سنوات من 1848-1853 الى وفاته حيث توفي في موسكو ودفن فيها عام 1835، وحسب وصيته ترك مبلغ 20000 روبل في بنك موسكو كانت فائدته تُرسل تباعاً ليد البطريرك الانطاكي ايروثيوس (1850-1885) لمصلحة الكرسي الانطاكي.

تولى بعده معتمداً بطريركيا الارشمندريت افتيموس حتى العام 1860، حيث عين البطريرك الانطاكي ايروثيوس الارشمندريت غفرئيل شاتيلا الدمشقي(7) رئيساً له ومعتمداً انطاكياً…

عُرف عن الارشمندريت شاتيلا اخلاصه الشديد في كل مكان شغله وحاز ثقة البطريرك لنزاهته ولاسيما وانه كان ابن عائلة شاتيلا الدمشقية الغنية اساساً والمخلصة للمقر البطريركي ونشأ غفرئيل علىهذه التنشئة الفاضلة، فقام بتجديد كنيسة الأمطوش وتجميلها، وكان يقوم بمهامه بكل اخلاص وامانة وتجرد للخدمة وغيرة ارثوذكسية مشهودة، ويبذل من جيبه الخاص ماينقص لاستكمال المشاريع اللازمة في الامطوش، وتشير الوثائق البطريركية ان البطريرك ايروثيوس كان دائم الطلب من معتمده لارسال الاموال من خزينة الامطوش، واستدرار اكف المحسنين الروس من علية القوم وحتى البسطاء، وعلى هذا حظي المعتمد شاتيلا على محبة المتروبوليت فيلاريت وشمله القيصر اسكندر الثاني بعطفه وأغدقا عليه المنح والهدايا.

في 10 تموز غ 1860 ضربت الفتنة الطائفية المدمرة دمشق بعدما بدأت عام 1949 في جبل لبنان وامتدت الى زحلة والبقاع الغربي واقضية راشيا وحاصبيا ومرجعيون مرورا بمعلولا والزبداني والقلمون وجبل الشيخ والقنيطرة وصولا الى دمشق حيث كانت الكارثة من ان تحتمل واستمرت المذبحة بين 3 الى 5 و12 يوما وادت الى استشهاد نصف ارثوذكس دمشق اضافة الى بقية الطوائف المسيحية الأخرى وهجوتدمرت كل كنائس دمشق وابرزها الكاتدرائية المريمية والدار البطريركية وشهدت ساحاتهما استشهاد اكثر من ستة  آلاف ارثوذكسي تقدمهم خمسة كهنة من اصل سبعة كهنة المريمية اولهم الشهيد في الكهنة القديس يوسف الدمشقي…(8) فاستنجد البطريرك ايروثيوس بمعتمده غفرئيل شاتيلا لاثارة حمية الروس للمساعدة في اسعاف المنكوبين الدمشقيين، وخاصة لاعادة اعمار المقر البطريركي وكنائسه الثلاث وابرزها كنيسة مريم…

زيارة البطريرك غريغوريوس الى روسيا عام 1913
زيارة البطريرك غريغوريوس الى روسيا عام 1913

واستمر البناء الى عام 1867 حيث كانت المريمية بدون زينة وايقونات فأرسل المعتمد الانطاكي غفرئيل شاتيلا شحنات متتالية من الايقونات بأبعادها في الايقونسطاس والمحيط الموجودة حالياً اضافة الى كنيسة القديس يوحنا الدمشقي التي كان ايوانيكيوس مساميري المرتد الى الكثلكة قد استلبها مدعياً انها للكاثوليك(9) قام بالتوصية على رسمها وسددها من واردات الامطوش ومن تبرعات المجمع الروسي المقدس ومن علية القوم والبلاط ولعبت شخصيته الدمثة وتصرفاته الدبلوماسية الراقية اضافة الى سجاياه المعروفة عند الروس، وارسل الكثير من الأواني المقدسة والألبسة الكهنوتية، وبعد انتخابه مطراناً على ابرشية بيروت ولبنان عام 1871، ترأس الأمطوش اسقف بالميرا كيرلس، ولكنه حالاً مرض فرجع الى دمشق ومات فيها، وبالرغم من قصر مدة ترؤسه للأمطوش الا انه ارسل اموالاً لاعادة اعمار كاتدرائية القديسين بطرس وبولس في انطاكية التي تصدعت بشكل فادح نتيجة الزلزال المدمر الذي ضرب انطاكية واضر كثيرا بهذه الكاتدرئية التي كانت قد عُمرت عام 1870.

موقع دار البطريركية الارثوذكسية ومريمية الشام والمحيط مدمره في فتنة 1860
موقع دار البطريركية الارثوذكسية ومريمية الشام والمحيط مدمره في فتنة 1860

وتوالى على رئاسة الامطوش الأنطاكي الأب ايصائيا وبعض الرهبان الروس حتى سنة 1879 عندما عين البطريرك ايروثيوس الارشمندريت خريستوفورس جبارة الدمشقي رئيساً على الامطوش الأنطاكي في موسكو، فزاد في مدخول الأمطوش وبنى بنايات عديدة بمساعدة متروبوليت موسكو مكاريوس، ولكن تم عزله من قبل البطريرك الانطاكي بعدما اطلق هرطقة الدين الواحد…واعاده الى الوطن.

وبين العام 1887 و1889 ترأس الامطوش الانطاكي الكاهن نيكن الروسي، ثم عين البطريرك جراسيموس الشماس روفائيل هواويني الدمشقي رئيساً له، فرسمه أفلاطون مطران كييف كاهناً بتكليف من البطريرك الانطاكي جراسيموس، ثم توجه الى موسكو في صيف 1889 حيث رقي الى درجة الارشمندريت على يد متروبوليت موسكو ايوانيكوس وايضا بتفويض من البطريرك الانطاكي جراسيموس.

اهتم الارشمندريت روفائيل هواويني اثناء فترة رئاسته للامطوش باستقدام الطلاب الانطاكيين للدراسة في مدارس روسيا الاكليريكية واعدادهم لخدمة الكنيسة الارثوذكسية، فبلغ عدد الطلاب الذين انهوا دراساتهم اللاهوتية في روسيا 21 طالباً من ابرشيات انطاكية و4 من الكرسي الاورشليمي. بتسهيلات ودعم من قبل المحسن الكبير السيد ديمتري شحادة الدمشقي المقيم في اسطنبول ودعمه لدى المجمع والبلاط الروسيين ولدى الحكم العثماني وبدعم مالي منه وكان منهم العلامة جرجي مرقص الدمشقي قريبه.(10)

البطريرك الأنطاكي مكاريوس بن الزعيم
البطريرك الأنطاكي مكاريوس بن الزعيم

وعند استقالة البطريرك جراسيموس والتحاقه بطريركا للكرسي الاورشليمي واعتلاء اسبريدون مطران الطور من الكرسي الاورشليمي السدة البطريركية الانطاكية ونشوء الازمة البطريركية نتيجة عدم اعتراف معظم اعضاء المجمع الانطاكي بالمذكور بطريركا وكان الارشمندريت روفائيل هواويني المعتمد البطريركي في موسكو قد رفض معهم الاعتراف باسبريدون بطريركاً فعزله من رئاسة الامطوش، وبطلب وتوسط من متروبوليت موسكوايوانيكوس بقي في قازان مدرساً في معهدها اللاهوتي وكان ذلك في العام 1892، ثم وبطلب من الارسالية السورية الارثوذكسية في اميركا برئاسة الدكتور يوسف عربيلي الى المذكور ليقوم بخدمة المهاجرين السوريين الانطاكيين في بروكلن واميركا وكان هذا الوجود السوري برعاية الكنيسة الروسية وبتبعية المتروبوليت بلاطون متروبوليت آلاسكا فانتقل الى اميركا حيث اسس هذه الابرشية الانطاكية وابدع في تدبيرها ورعايتها بجهاد موصوف(11) وصار مطرانها وتوفي في العام 1915 وقد طوبته الكنيسة الروسية مؤخرا قديساً ارثوذكسياً.

المطران القديس روفائيل هواويني
المطران القديس روفائيل هواويني

منذ العام 1892 سنة بطريركية السيد اسبريدون على انطاكية الى استقالته عام 1898 واعتلاء مطران اللاذقية ملاتيوس الدوماني الدمشقي قائمقاماً بطريركياً ثم في العام 1899 بطريركاً شغرت المعتمدية الانطاكية الى ان عين البطريرك ملاتيوس القس الكسندروس طحان الدمشقي ( البطريرك الانطاكي 1931-1958) معتمدا بطريركيا ورئيساً للأمطوش الأنطاكي في موسكو ، بعد ان انهى علومه اللاهوتية في اكاديمية كييف اللاهوتية، وبعد سنتين رقي الى رتبة ارشمندريت(12) في كنيسة المخلص على يد متروبوليت موسكو فلاديمير، وعمل كثيراً وباخلاص على تحسين بناء الأمطوش فأضاف اليه المخازن والبيوت لتدر ريعية مستمرة على الامطوش والبطريركية بدمشق.

ثم تم استدعاءه حيث انتخب متروبوليتا على كيليكيا السنة 1902، فحل محله الارشمندريت المجاهد اغناطيوس ابو الروس البيروتي رئيساً للأمطوش ومعتمدا بطريركيا، ليخلفه الارشمندريت انطونيوس مبيض الحلبي حتى العام 1920 في زمن الحكم الشيوعي لروسيا، واغلق النظام السياسي الحاكم الأمطوش مع معظم الكنائس في روسيا، وصادرت السلطات السوفيتية جميع املاك الامطوش لأنها على تعبيرهم ملك للشعب الروسي ولا حق لكنائس اخرى بها.

وعندما اعتلى السيد الكسندروس طحان السدة البطريركية الانطاكية عام 1931 الى عام 1958  وبمساعيه وبمساعدة البطريرك الروسي الكسي في العام 1948 عوضت الحكومة السوفيتية على البطريركية الانطاكية بمبنى آخر، لأن المبنى القديم كان قد تدمر كلياً. وجاء رجوع الأمطوش وكأن العناية الالهية شاءت ان يكون في عيده المئوي اي في العام 1948، وحالاً عين غبطته الارشمندريت باسيليوس سماحة (مطران ابرشية حوران لاحقاً) رئيساً للأمطوش الأنطاكي الجديد المكون من كنيستين: الأولى على اسم رئيس الملائكة غفرئيل( ويعود تاريخها الى عهد بطرس الأكبر وتقع في وسط المدينة) وتلقب ب” لؤلؤة موسكو”، والكنيسة االأخرى على اسم الشهيد ثيودورس قائد الجيش، وفيها ايقونة عجائبية للسيدة العذراء مريم تسمى ” الفرح غير المنتظر”.

البطريرك الكسندروس
البطريرك الكسندروس

وفي العام 1958، انتخب المطران باسيليوس سماحة متروبوليتا على ابرشية بصرى حوران وجبل العرب، فعين البطريرك ثيوذوسيوس السادس المتوحد في الكهنة الكسي عبد الكريم رئيسا على الامطوش الى ان انتخبه المجمع المقدس مطرانا على حمص سنة 1969. وبعد فترة انقطاع دامت حوالي السنتين عين البطريرك الياس الرابع الارشمندريت مكاريوس طيار رئيسا للأمطوش. وفي العام 1977 كلف غبطته الارشمندريت نيفن صيقلي برئاسة الامطوش ومن ثم اعاد البطريرك اغناطيوس الرابع في العام 1980 وهو مايزال الى الآن يرأس الامطوش الانطاكي في موسكو وزاد غبطة البطريرك يوحنا العاشر وبقرار مجمعي اعتباره متروبوليتا  وهو يعمل بكل أمانة وجد ونشاط  في خدمة الأمطوش والكنيستين الأنطاكية والروسية على حد سواء.

الامطوش الانطاكي في موسكو
الامطوش الانطاكي في موسكو

يمكننا أن نلاحظ من خلال هذا السرد التاريخي ان الأمطوش مر خلال مدة وجوده بدورين ثلاثة او حتى بثلاثة ادوار وهي

الدور الاول يبتدىء من سنة تأسيس الأمطوش اي من العام 1848 وحتى العام 1920 حيث سيطر الشيوعيون على الحكم في عموم روسيا وأُغلق الامطوش وصودرت أملاكه.

الدور الثاني يبتدىء من تاريخ عودة الأمطوش الى احضان الكرسي الانطاكي المقدس  في العام 1948 بمساعي البطريرك الكسندروس حتى العام 1988 حيث  أُعلنت  في البلاد  الروسية حركة الاصلاح (البيروسترويكا) فعادت الكنيسة الروسية تنعم بالحرية وتخلصت من كل مايعرقل مسيرتها وخلاصها.

في الدور الأول لاحظنا كيف ان الأمطوش كان يغذي الكرسي الانطاكي بالمعونات المادية (أموال ، ايقونات، أواني كنسية…) والمعنوية ( حماية، دعم، ومساندة…) كما لعب دور المعلم بالنسبة لبعض رجال الاكليروس الأنطاكي حيث تخرج من روسيا عدد لابأس به من رجال الاكليروس والعلمانيين الذين لعبوا دوراً هاماً  في حياة الكرسي، فمنهم حالياً منتم تطويبه (الأسقف روفائيل هواويني) ومنهم من اصبح بطريركاً ( الكسندروس الثالث) ومنهم العديد من المتروبوليتية والمطارنة والاساقفة والكهنة والعلمانيين الذين يشرفون الكرسي الانطاكي بعلومهم واعمالهم وتواضعهم. كما أن هؤلاء كانوا مدعاة فخر واعتزاز للأكاديميات التي خرجتهم.

البطريرك يوحنا متفقدا الامطوش 2019
البطريرك يوحنا متفقدا الامطوش 2019

أما في الدور الثاني فقد أصبح العمل في الأمطوش أكثر حساسية ودقة بالنظر الى الوضع السياسي الجديد القائم. صحيح أن المساعدات  بقيت تُرسل تباعا الى الكرسي الانطاكي على قدر المستطاع، الا أن دوراً جديداً برز في هذه المرحلة إذ ان الامطوش لعب دوراً هاماً تجاه الكنيسة الروسية، حيث أخذ على عاتقه عدة أمور خطيرة، منها: ان كنيسة الأمطوش  كانت الكنيسة الوحيدة التي تعمد المؤمنين من دون الإدلاء بأسمائهم للجهات المختصة (13). كما انها كانت السباقة لجمع الأطفال في مدارس الأحد، كما أن الأمطوش الأنطاكي  كان الممثل الوحيد لدى بطريركية موسكو خلال فترة الحكم الشيوعي ( كان في موسكو بعض الممثليات البطريركية الاخرى حتى قيام الثورة 1917 وقد صودرت كنائسها ومقراتها من الحكم البلشفي)، هكذا قدم الامطوش الانطاكي خدمات عظيمة للمجتمع الروسي والكنيسة الروسية، وهو ما لا تنساه موسكو فالصديق عند الضيق.

كما استمر في هذه الفترة توافد الطلاب الى الأكاديميات الروحية في روسيا، وتخرج منهم من اصبح متروبوليتاً أو رئيس دير أو لاهوتياً عظيما، فنادراً جداً أن ترى شخصاً من الأكاديميات الروحية الروسية لم يلعب دوراً هاماً على الساحة الدينية او الثقافية او اللاهوتية في كرسينا الانطاكي المقدس.

في حديث خاص للارشمندريت الياس حبيب(14)  في دراسته التي اعدهاعن الامطوش حالياً والخدمات التي يقدمها، اجاب المعتمد المتروبوليت نيفن صيقلي أن الأمطوش هو الجسد الذي ربط ويربط الكنيستين الانطاكية والروسية برباط المحبة والاخوة، وهذه بالحقيقة هي ماهية وهدف وجود الأمطوش بين الكنائس الارثوذكسية الشقيقة. ووجود امطوشنا الانطاكي قديماً في موسكو  أكبر دليل على عمق المحبة المتبادلة بين الكنيستين الشقيقتين الارثوذكسيتين الرسولية الانطاكية والروسية. والأمطوش  قدم عبر تاريخه ويقدم للروس خدمات روحية عديدة منها:

الامطوش الانطاكي في موسكو
الامطوش الانطاكي في موسكو

القداديس على مدار الأسبوع، وفي الأعياد والمناسبات الخاصة، والعمادات والخدمات والصلوات الروحية اليومية. كما انه يقدم مائدة محبة للفقراء أسبوعياً فيوزع عليهم الأطعمة والكساء، كما ان فيه مدرسة موسيقية لتعليم الترتيل وتخريج اساتذة الجوقات. كما انه يجمع الأطفال في مدرسة الأحد فيعلمهم التعاليم المسيحية الأرثوذكسية القويمة.

 يخدم في الامطوش/ وفق المعتمد/ نيفن اربعة كهنة وشماسان وجوقتان، يتقاضون اجورهم من واردات الأمطوش، بالإضافة الى التقاعد والضمان الصحي وضريبة الدولة.

ومن ناحية الاصلاحات، قام المتروبوليت  نيفن بانجاز عدة أعمال منها

بناء منزل للضيافة، مقر لمدارس الأحد، كما رمم الكنيسة الصغيرة وبلّطها وذهبها وزيّنها بالأيقونات المقدسة، كما ان الامطوش بمساعي المعتمدين رؤساء الامطوش، ومنذ تاريخه يرسل سنوياً الى البطريركية الانطاكية وخاصة في اعادة بناء المريمية…بنتيجة كارثة 1860، وكذلك في عهود البطاركة ملاتيوس وغريغوريوس واواخر عهد الكسندروس وثيوذوسيوس والياس واغناطيوس المثلثي الرحمات وغبطة ابينا البطريرك يوحنا العاشر اطال الله عمره، أواني كنسية وأيقونات وملابس كهنوتية وبدلات رؤساء كهنة، اضافة الى معونة مادية سنوية يرسلها الى معهد القديس يوحنا الدمشقي اللاهوتي في البلمند، وكان الامطوش قد ارسل ايقونات دير رؤية القديس بولس في كوكب وكانت الكنيسة الروسية قد قدمت منحة مالية كبيرة للبطريركية في دمشق اشترت بموجبها ارض اعجوبة الرؤيا وبها تم اشادة  دير رؤية القديس بولس البطريركي عام 1962، كما قدمت وقتها مختبراً طبياً كبيراً وحديثاً في عهد البطريرك ثيوذوسيوس وفي العام نفسه وزودت البطريركية مستشفى القديس جاورجيوس الارثوذكسي ببيروت به اضافة الى مختبر علمي الى مدارس الآسية الدمشقية.  وارسل الأمطوش ايقونات الايقونسطاس لكنيسة النبي الياس الغيور في الطبالة بدمشق، وكنيسة المعلقة في حوش حالا – البقاع وكنيسة القديس نيقولاوس في زحلة بهمة المعتمد البطريركي الحالي.

 وفي ٣٠ كانون الثاني ٢٠١٩  زار غبطة ابينا  البطريرك يوحنا  العاشر بطريرك انطاكية وسائر المشرق موسكو بدعوة من البطريرك الروسي كيريل والبطريركية الروسية، وتفقد  مقر الأمطوش الأنطاكي في موسكو، ومن هناك اطلق صرخة أمام سفراء الدول “أعطونا السلام ودعونا نعيش، فشعبنا يتوق إلى السلام”

البطريرك يوحنا العاشر
البطريرك يوحنا العاشر

حيث نقل موقع بطريركية انطاكية وسائر المشرق بدمشق عن المركز الانطاكي للاعلام مايلي

الأوّل مِن شهر شباط مِن كل عام ليس يومًا عاديًّا بالنسبة لكنيسة روسيا الأرثوذكسية، إنّه اليوم الذي تنصّب فيه قداسة البطريرك كيريل على الكرسي البطريركي خلفًا للبطريرك ألكسي الثاني.

نعم، إنّه قداسة البطريرك كيريل الذي انتخبه المجمع الكنسي لكنيسة روسيا بحيث يتّسم بالانفتاح، ويسعى إلى إبعاد الكنيسة عن المجريات والأحداث السياسية، ويحافظ على وحدة العالم الأرثوذكسي.

كما ان قداسته قبل انتخابه بطريركًا كان يشغل مهام القائم بأعمال البطريرك بالوكالة ورئيسًا لدائرة العلاقات الخارجية في بطريركية موسكو وسائر روسيا.

وفي إطار زيارته لروسيا للمشاركة في احتفالات الذكرى العاشرة لتنصيب قداسة البطريرك كيريل، خصّ غبطة البطريرك يوحنا العاشر مقر الأمطوش الأنطاكي في موسكو بزيارة تفقّدية خاصة لما يحمل هذا الأمطوش من إرث أنطاكي عريق من جهة، والدور الفاعل الذي قام به المتروبوليت نيفن صيقلي المعتمد البطريركي لكنيسة أنطاكية في روسيا، وسهره على بناء وتنمية الأمطوش الأنطاكي، وانفتاحه على الجميع طيلة سنين طوال في موسكو ما أسهم في تقوية العلاقات بين الكنيستين الأنطاكية والروسية من جهة ثانية.

وعلى وقع قرع أجراس كنيسة الملاك جبرائيل وإنشاد التراتيل، استقبل المتروبوليت نيفن صيقلي غبطة البطريرك يوحنا والوفد الكنسي والعلماني المرافق لغبطته.

الكهنة الروس في الامطوش الانطاكي
الكهنة الروس في الامطوش الانطاكي

دخل غبطته إلى الكنيسة ورفع الصلاة على نيّة الكنيستين الأنطاكية والروسية وسط حفاوة ومحبة كبيرتين.

بعد ذلك، حط السلك الدبلوماسي في روسيا رحاله في مقر الامطوش الأنطاكي بحيث حضر أكثر من ثلاثين سفيرًا، وذلك بدعوة من المتروبوليت نيفن صيقلي يمثّلون دولًا عربية وشرق أوسطية وغربية، مرحّبين بغبطته على أرض روسيا، ومنّوهين بمواقفه الكنسية والوطنية بالإضافة إلى مشاركة شخصيات وفعاليات كنسية بارزة في روسيا.

كاميرا المركز الأنطاكي الأرثوذكسي للإعلام واكبت هذا اليوم الدبلوماسي بامتياز، وأجرت باقة من اللقاءات مع كوكبة من السفراء وخرجت بحصيلة من الحوارات.

بداية، أوضح سفير لبنان في روسيا شوقي بو نصار أن وجه لبنان يتجلّى من خلال صورة أنطاكية، أنطاكية التي أرادت ان تشارك كنيسة روسيا في الذكرى العاشرة لتنصيب قداسة البطريرك كيريل، وسبق لها أن شاركت في اجتماعات مجمع موسكو العام ما يدل على أواصر العلاقات التي تربط بين الكنيستين.

أمّا السفير السوري في روسيا رياض حداد، فأشاد بدور دولة وكنيسة روسيا تجاه ما قامتا به في سورية، وبالأخص الدعم الذي قدّمته كنيسة روسيا ومساندتها لكنيسة أنطاكية من جهة ثانية.

مقابل ذلك، أثنى سفير مملكة البحرين د. أحمد الساعاتي على الدور الذي يؤدّيه غبطة البطريرك يوحنا العاشر تجاه كنيسته وانفتاحه على الكنائس الأخرى.

وعبّر عن فرحه لوجود غبطته في روسيا للمشاركة في احتفالات الذكرى العاشرة لتنصيب قداسة البطريرك كيريل، وأكّد أن مملكة البحرين تحترم وترحّب بغبطة البطريرك يوحنا على أرض المملكة.

مِن جهته، رأى سفير مصر في روسيا إيهاب نصر أن روسيا تزدان بصورة حقيقية مِن الأخوة تتعانق خلالها الكنائس مع بعضها البعض، بحيث تجسّد هذه الصورة لوحة فسيفسائية تزداد جمالية مع معانقة الكنيستين الأنطاكية والروسية.

وبدوره، بعث سفير الأردن في روسيا أمجد عديلي رسالة تهنئة لقداسة البطريرك كيريل بمناسبة الذكرى العاشرة لتنصيبه بطريركًا منوّهًا بالعلاقات التي تربط كنيسة أنطاكية بكنيسة روسيا.

وبعد اللقاء الأبوي الذي جرى بين البطريرك يوحنا والسفراء، أولم المتروبوليت نيفن على شرف غبطته بمشاركة أكثر من ثلاثين سفيرًا.

وكانت كلمة للمتروبوليت نيفن صيقلي شكر فيها غبطته لزيارته ومحبته الكبيرة التي تحتضن الكل تحت سقف الكنيسة.

أمّا غبطته فرد بكلمة جوابية شاكرًا وقائلًا: “ما أجمل أن يجتمع الأخوة في هذا المكان المقدّس” الأمطوش الأنطاكي” الذي تميّز بفتح أبوابه وقلبه وذراعيه لكل الناس دون تمييز.

البطريرك يوحنا العاشر والمتروبوليت نيفن المعتمد الانطاكي في موسكو
البطريرك يوحنا العاشر والمتروبوليت نيفن المعتمد الانطاكي في موسكو

وتابع، عندما نتكلّم عن أنطاكية، نتكلّم عن الشرق الأوسط بسائر بلدانه، كما أنّنا نتكلّم دائمًا عن المحبّة والسلام لأن شعبنا هو شعب يحب السلام ويتوق إليه. واسمحوا لي أن أوجّه عبركم صرخة إلى المجتمع الدولي أقول فيها: “أعطونا السلام ومِن حقنا أن نعيش، ونريد أن نبقى في ديارنا حيث شاء الرب أن نولد ونعيش ونموت.

وأشار غبطته إلى أن الكثيرين يسألوننا عن بقائنا في أرضنا وديارنا في هذه الظروف الصعبة. فنؤكّد لهم مِن موسكو أننا باقون ومتمسكون بديارنا، ولن تقوى الرياح العاتية على اقتلاعنا من أرض آبائنا وأجدادنا، فسنبقى وسنحافظ على طيب العلاقات التي تسود بيننا وأخوتنا المسلمين وسنتابع معًا مسيرة التاريخ المشترك.” 

وفي الختام، ناشد جميع الدول بالعمل على إيجاد حل سلمي لكل الصراعات الدائرة في المنطقة، وصلّى مِن أجل لبنان كي ينعم بحكومة تؤمّن العيش الكريم لشعبها، وصلّى مِن أجل فلسطين والقدس، العراق وسورية وسائر البلدان العربية.

وتمنّى للسفراء أن يكللوا عهدهم بإنجازات ملؤها الثمار، تمد جسر التواصل وتوطّد أواصر التعاون بين سائر الأطياف والديانات”. 

وتجدر الإشارة، إلى أن الاحتفالات التي تشهدها كنيسة روسيا بمناسبة الذكرى العاشرة لتنصيب قداسة البطريرك كيريل تسجّل مشاركة لعدد مِن البطاركة الأرثوذكس ورؤساء الكنائس الأرثوذكسية، ما يؤكّد أن الأرثوذكسية ستبقى شامخة تجسّدها اليد الواحدة والعائلة الواحدة.

البطريرك يوحنا العاشر يتفقد الامطوش الانطاكي
البطريرك يوحنا العاشر يتفقد الامطوش الانطاكي

الخاتمة 

الامطوش الانطاكي في موسكو هو وجود انطاكي روحي في روسيا الكنيسة والدولة، وهو ليس كنيسة ضمن كنيسة بل يحيا تحت اموفوريون بطريرك روسيا ويتبعه روحياً، كما  الحال في الامطوش الروسي في دمشق حيث تعتبر كنيسة القديس اغناطيوس الانطاكي الروسية / وهي في بناء المعتمدية الروسية لدى بطريركية انطاكية/ بتصرف بطريركية انطاكية وهي احدى كنائس دمشق الارثوذكسية وتعين البطريركية كاهنها ووكالة الكنيسة والخدام…

لكن الامطوش الانطاكي مستقل في ادارته كليا، يراعي بادارته القوانين المرعية الاجراء في روسيا مع ضمان اجتماعي وتقاعد وضرائب، فبيت انطاكية اليوم في موسكو مهم فهوقد أصبح ملجأ لكل الانطاكيين الذين يترددون الى روسيا في شتى الميادين. ومؤخرا اصبح الأمطوش بعثة دينية أنطاكية، ورئيس الأمطوش هو رئيس هذه البعثة  الدينية. كما اية بعثة دبلوماسية على مستوى الدول.

الامطوش الانطاكي مقصد للمؤمنين الروس
الامطوش الانطاكي مقصد للمؤمنين الروس

في كل ادوار التاريخ المسيحي هناك ترابط وثيق بين الكنيستين الانطاكية والروسية، فكما قدم المطران ميخائيل السوري المعمودية الجماعية لروسيا السنة 988 مسيحية واسهمت انطاكية من خلال بطريركها يواكيم الخامس الزائر  لروسيا اواخر القرن 16 بجعل الكنيسة الروسية بطريركية،  وكما رئس البطريرك غريغوريوس في عام 1913 احتفالات آل رومانوف بمرور 300 سنة على تملكهم العرش الروسي… كذلك كان لروسيا الدولة والكنيسة دورا في التعليم ونشر المدارس من خلال الجمعية الامبراطورية الفلسطينية الروسية والحفاظ على الارثوذكسية الانطاكية كما الاورشليمية …وفي تعريب السدة البطريركية الانطاكية اواخر القرن 19  وفي تقديم المساعدات المادية زمن البطريرك مكاريوس بن الزعيم برحلتيه الى روسيا…وكما مر معنا في تاهيل الطلاب الاكليريكية… واليوم من خلال دعم مقدرات صمود كنيستنا في الاحداث المؤسفة بسورية منذ 2011 وكذلك في كارثة الزلزال المدمر الذي ضرب سورية في 6 شباط 2023 وفي بناء كنيسة آجيا صوفيا في السقيلبية /التي قدم ارضها السيد نابل العبد الله/  وتجهيزالكنيسة بالايقونات المقدسة و…

 تعيشالكرسي الانطاكي المقدس من خلال الامطوش الانطاكي في موسكو مع الشعب الروسي المؤمن ومع كنيسته وقيادته الوطنية بشكل متلازم…وعلى ارض روسيا وفي الامطوش هذا يكمل الطرفان بعضهما بعضا روحيا في عالم ارثوذكسي في اطار الارثوذكسية العالمية باحترام كامل.

الخدمات الروحية للمؤمنين الروس في الامطوش الانطاكي
الخدمات الروحية للمؤمنين الروس في الامطوش الانطاكي

حواشي البحث

1- كانت ومنذ العام 1721 درجة البطريرك في الكنيسة الروسية ملغاة من قبل بطرس الأكبر للحد من نفوذ البطريرك في البلاط الروسي آنئذ، وكان يُكتفى بتقدم متروبوليت موسكو على كل مطارنة المجمع والابرشيات الروسية لدى البلاط، وعندما قامت الثورة الشيوعية في تشرين الاول 1917، اعاد المجمع الروسي المقدس العمل بالمألوف وانتخب بطريركا للكنيسة الروسية وذلك لتدعيم موقف الكنيسة وقيادة الكنيسة الروسية في ضوء المستجدات الجذرية، وبعد فصل الدين عن الدولة فيالنظام السياسي الجديد.

2- أصدرت الأمبراطورة الروسية حنة مرسوماً في العام 1736، تسمح بموجبه لرهبان الكنيسة الأرثوذكسية في البطريركيات الاربع ( القسطنطينية، الاسكندرية، الأنطاكية، والأورشليمية) بالتجول في روسيا لجمع التبرعات، كما ان القنصل الروسي في يافا، أرسل في العام 1843 الى مدينة بطرسبورج رسالة يصف فيها دور القنصلية البريطانية في مساعدة المرسلين البروتستانت  لجذب الرعايا الأرثوذكس، كان من شأنها أن شكلت دعماً قوياً.

البطريرك الانطاكي يواكيم الخامس المسبب لاقامة البطريركية الروسيةالصورة في القرن 16
البطريرك الانطاكي يواكيم الخامس المسبب لاقامة البطريركية الروسية

3- بيت حنانيا الرسول من قبل اللاتين وهو والكاتدرائية المريمية اقدم كنائس دمشق والعالم واعطاهم اياه لجعله كنيسة والي دمشق عام 1848 بعدما انتزعه من يد الارثوذكس، وكاتدرائية النبي الياس في بيروت المنتزعة من كاتدرائية القديس جاورجيوس الارثوذكسية والعديد من الكنائس والاديار الارثوذكسية في صيدا وصور وجبيل وجبل لبنان  ومحاولة ايوانيكيوس المرتد الاستيلاء علة كنيسة القديس يوحنا الدمشقي بجانب الآسيةعام 1862 كذلك للروم الكاثوليك دير النبي الياس في معرة صيدنايا ودير القديس بطرس ودير مار توما في صيدنايا ودير مارسركيس في معلولا وكان جزءا من دير القديسة تقلا ، باب بولس في  سور دمشق وهو الاحدث اذ منحته سلطات الانتداب الفرنسي عام 1935 الى الروم الكاثوليك، وكنيسة مار الياس في ازرع بعد محاولات طويلة ومستدامة لاستلاب كنيسة القديس جاورجيوس في ازرع…وغيرها …عدا عن المزارات المقدسة في فلسطين ولعل اولها كنيسة المهد وكنيسة القيامة…وهذه امثلة على سبيل الاستئناس لا الحصر.

المعتمد الارشمندريت غفرئيل شاتيلا
المعتمد الارشمندريت غفرئيل شاتيلا

4- كان في الصرح البطريركي اضافة الى كنيسة مريم وهي الاكبر كنيستان اخريان هما كنيسة القديس نيقولاوس العجائبي وكان فيها اجمل ايقونسطاس وكنيسة القديسين كبريانوس ويوستينة وهذه الكنائس الثلاث اضافة الى الصرح البطريركي تدمرت بالكامل في فتنة 1860 واعيد البناء وتم توسيع الكاتدرائية المريمية بضم مساحتي الكنيستين الاخريين،  وكان ايضا في امقر البطريركي كنيسة صغيرة  على اسم القديسة كاترينا وهي امطوش لدير القديسة كاترينا في سيناء. بنيت مجددا بعد تلك الكارثة المريعة ثم عند تحديث بناء البطريركي الغربي جعلت في قلعة عليا من هذا الجناح الغربي…

5- رستم، د. اسد : كنيسة مدينة الله أنطاكية العظمى ج3، ص191-192

6- الوثائق البطريركية : دمشق، بيروت، موسكو

7- انظره هنا في موقعنا في باب اعلام كنسيون

8- انظره في موقعنا هنا باب قديسون

9- انظر كنيسة القديس يوحنا الدمشقي في موقعنا هنا باب آثارنا المسيحية

10- انظر سيرة المستشرق العلامة جرجي مرقص الدمشقي في موقعنا هنا  باب اعلام ارثوذكسيون

11- انظره في موقعنا باب قديسون

12- انظر سيرته في باب اعلام كنسيون هنا في موقعنا

13- كانت في جميع الكنائس سجلات خاصة تُسجل فيها اسماء الذين قبلوا المعمودية، وكانت هذه السجلات تُرسل للجهات الامنية المختصة في الدولة السوفيتية.

14-  الارشمندريت الياس حبيب دراسة بعنوان الأمطوش الانطاكي في موسكو تمت اواخر القرن 20

الخواجا ديمتري نقولا شحادة الصباغ الدمشقي القديس الانطاكي المنسي
الخواجا ديمتري نقولا شحادة الصباغ الدمشقي القديس الانطاكي المنسي

مراجع البحث

–  الارشمندريت الياس حبيب دراسة بعنوان الأمطوش الانطاكي في موسكو 

– د.جوزيف زيتون صفحة مضيئة من تاريخ الكنيسة الارثوذكسية تنصير السلاف النشرة البطريركية- موقعنا هنا

– الوثائق البطريركية وثائق ابرشية دمشق وابرشية بيروت والامطوش الانطاكي

 


Viewing all articles
Browse latest Browse all 1470

Trending Articles



<script src="https://jsc.adskeeper.com/r/s/rssing.com.1596347.js" async> </script>