Quantcast
Channel: د.جوزيف زيتون
Viewing all articles
Browse latest Browse all 1470

قضايا تقلق المؤمن

$
0
0

قضايا تقلق المؤمن

ترفض الكنيسة قطعاً استخدام وسائل علاج الأجنة، أي ان يتم إجهاض الجنين خلال مختلف مراحل نموه في محاولةٍ لعلاج بعض الأمراض و”تجديد” عضو ما.

تندد الكنيسة بالاجهاض باعتباره خطيئة رئيسة، ولا تبرر هذه العملية بأي حجةٍ حتى ولو كان بإمكان أي شخصٍ الاستفادة من إنهاء حياة أخرى. فالمساهمة الحتمية بانتشار الاجهاض على نطاقٍ واسعٍ والترويج له يجعلان منه جريمة، حتى ولو أثبتت نجاعته الفرضية علميّاً.

فرضت عمليّة استئصال الأغضاء البشرية الملائمة للزرع ولتطوير العناية المركزة وللعلاج، مشكلة التحقّق من ساعة الوفاة. وكان المعيار المعتمد  سابقاً هو توقف التنفس والدورة الدموية نهائياً. لكن وبفضل تطور تكنولوجيات العناية المركزة  أضحى من الممكن دعم هذه الوظائف الأساسية اصطناعياً لوقت طويل. وتالياً، تحول الموت الى مرحلةٍ ترتبط بقرار الطبيب مايولي الطب الحديث مسؤولية هائلة. يعتبر الكتاب المقدس الموت على انه انفصال الروح عن الجسد (مزمور 146  :4، لوقا 12  :20).

لذلك، لانتحدث عن استمرارية الحياة إلا إذا كان الجسم حياً بكامله. لايمكننا أن نسلم بأن إطالة الحياة بوسائل اصطناعية أمر إلزامي أو خطوة يحبّذها الطاقم الطبي، مع العلم أنّ هذه الخطوة تبقي بعضاً من الأعضاء حية. قد تطيل أي محاولة لتأجيل موت المريض من عذابه وتحرمه من الحق في “موتٍ لائقٍ ومسالم”،   وهذا مانتضرع له أمام الله في الليتورجيا الأرثوذكسية.

عندما تصبح خدمة وحدة العناية المركزة غير مجدية، ينصح بنقل المريض الى العناية الملطفة (منها التنويم وتقديم الرعاية التمريضية والاجتماعية والنفسية) وتوفير العناية الرعوية. تهدف هذه التدابير الى ضمان إنهاء الحياة بالرحمة والمحبة.

الموت اللائق

ينطوي المفهوم الارثوذكسي للموت اللائق على التحضير لفناء الحياة، مايعتبر مرحلة بالغة الأهمية على الصعيد الروحي في حياة البشر. قد يختبر المريض المحاط بالعناية المسيحية في آخر حياته على الأرض، تغييراً مباركاً يعود مصدره الى تفكير المريض برحلته الأرضية بطريقة مغايرة والتوبة عن ترقب الأبدية. تتحول فرصة اهتمام الأقارب والأطباء بالمريض عندئذً، إلى فرصةٍ لخدمة الرب نفسه.

ويقول المخلص:”الحق أقول لكم: بما أنكم فعلتموه بأحد إخوتي هؤلاء الأصاغر، فبي فعلتم”. (متى 40:25). غالباً ماتحرم محاولة إخفاء حالة المرض الحرجة عن المريض الذي يخوض الموت بحجة عدم إحباطه، من فرصة تحضّره للموت وإيجاد العزاء عبر المشاركة في اسرار الكنيسة. قد يفقد المريض ثقته أيضاً بالأقارب والأطباء.

الموت الرحيم

ليس من الممكن دائماً تخفيف آلام الاحتضار بالأدوية المخدرة. ولأن الكنيسة تعي هذه الحقيقة، فهي تتضرع الى الله بالصلاة: “خلص عبدك من هذه الشدة التي لاتطاق ومن المرض الشديد المستحوذ عليه وأرحه  حيث  ارواح  الصديقين لأنك أنت هو راحة نفوسنا وأجسادنا”. (من كتاب خدم الكاهن: إفشين للنفس إذا تعذّر خروجها). ” الرب يميت ويحي. يهبط الى الهاوية ويصعد”. (1 صموئيل 2: 6). “الذي بيده نفس كلّ حيٍّ وروح كل البشر”. ( أيوب 10 : 12). لذلك، لاتتقبل الكنيسة من الناحية الأخلاقية تشريع المحاولة الرائجة باللجوء الى الموت الرحيم، وهو ما يعرف بتدمير حياة المريض الميؤوس منه عمداً ( وبإرادة المريض الشخصية). فهي تبقى امينةلكلام الله الله: “لاتقتل” (خروج 20: 13).

ويدفع الاكتئاب المريض أحياناً إلى طلب تعجيل موته مايعرقل تشخيصه الذاتي الصحيح لحالته. قد يؤدي تشريع الموت الرحيم الى التقليل من شأن كرامة مهنة الطبيب المحترف وفسادها لأنّ الطبيب يعمل لإبقاء المريض حيّاً وليس العكس. من السهل جداً أن يتحول “الحق في الموت” الى تهديد لحياة المريض الذي لايمتلك النفاذ الى العلاج بسبب النقص في التمويل.

وعليه، يعد الموت الرحيم شكلاً من اشكال القتل او الانتحار، وذلك إذا كان المريض قد شارك في عملية القتل أم لا. وإن كان شريكاً في العملية سيكون من الخطأة لأنه عمد الى الانتحار ولأن الموت الرحيم يعتبر خطيئة كبيرة بحسب قانون الكنيسة. فيحرم مرتكب الانتحار المتعمد الذي اقدم على هذا الفعل “بسبب استيائه البشري أو بسبب لحظة خوف” من الجنازة المسيحية أو ذكرانية الموتى (تيموثاوس الاسكندري، القانون 14). ان كان الانتحار قد ارتكب من دون وعي الضحية، أي إذا كانت تعاني مرضاً نفسياً، تؤذن الكنيسة بالصلاة للضحية بعد إجراء تحقيقٍ بالقضية من قبل المطران الحاكم. في الوقت عينه، يتحتم علينا ان نتذكر أن محيط ضحية الانتحار يلام في لعض الأحيان لأنه عجز عن توفير الشفقة والرحمة الفاعلتين للضحية.

تدعونا الكنيسة والقديس بولس الرسول الى : “احملوا بعضكم أثقال بعضٍ، وهكذا تمموا ناموس المسيح”. (غلاطية 6 : 2).

العلاقات المثلية

يندد الكتاب المقدس وتعاليم الكنيسة بالعلاقات المثلية على نحوٍ صريحٍ، ذلك بأنها تشوّه  بشكلٍ شنيعٍ الطبيعة البشرية التي خلقها الله. “واذا اضطجع رجل مع ذكر اضطجاع امرأة، فقد فعلا كلاهما رجسّاً. انهما يقتلان. دمهما عليهما” (لاويين 20 : 13).

يحكى في الانجيل عن عقابٍ قاسٍ أنزله الله على اهل سدوم  بسبب خطيئة سدوم (تكوين 1 : 19 – 19). وعندما تحدث بولس الرسول عن اخلاق الوثنيين ذكر ان العلاقات المثلية هي من بين ” الأعمال الأكثر “دناءةً” و”فجوراً” التي تدنّس  الجسد : “إن إناثهم استبدلن الاستعمال الطبيعي بالذي على خلاف الطبيعة، وكذلك الذكور أيضاً تاركين استعمال الانثى الطبيعي، اشتعلوا بشهوتهم بعضهم لبعضٍ، فاعلين الفحشاء ذكوراً بذكورٍ، ونائلين في انفسهم جزاء ضلالهم المحقّ”. (رومية 1 : 26 – 27). كما كتب بولس الرسول الى أهل كورنثوس: ” أما لستم تعلمون أنّ الظالمين لايرثون ملكوت الله؟ لاتضلوا: لازناة ولاعبدة  أوثانٍ ولا فاسقون ولا مأبونون ولا مضاجعوا ذكورٍ، ولا سارقون ولا طمّاعون ولا سكّيرون ولا شتّامون ولا خاطفون يرثون ملكوت الله” (كورنثوس 6 : 9 – 10).

كذلك، تشجب تعاليم آباء الكنيسة صراحةً وقطعاً كل مظاهر المثلية الجنسية. وتعرب أعمال القديس باسيليوس الكبير والقديس يوحنا الذهبي الفم والقديس غريغوريوس  النيصصي والقديس أغسطينوس المبارك ومزمور القديس يوحنا الصائم والمغبوط، عن تعاليم الكنيسة التي لايمسّ بها والقائلة بأن العلاقات المثلية هي آثمة ويجب أن تدان. فالأشخاص المنخرطون بها يحرمون من الحق بأن يكونوا أعضاء في الكهنة. صرح القديس مكسيموس اليوناني عندما كان يخطب في الاشخاص الذين صبغوا أنفسهم بخطيئة سدوم قائلاً: “انظروا الى أنفسكم أيها الملعونون، فما هذه  اللذة الملعونة التي انغمستم فيها! حاولوا ان تتخلوا عن هذه اللذة البذيئة والقذرة  سريعاً . أبغضوها واعترضوا بشدةٍ بوجه الذين يدافعون عن براءتها. طهّروا انفسكم منهذه البلية بالتوبة والدموع السخية والصلاة النقية والاحسان قدر استطاعتكم. أبغضوا هذا الانحراف من صميم قلبكم كيلا تصبحوا أبناء الهلاك والموت الأبدي”.

يميل النقاش اليوم في المجتمعات المعاصرة الى الاعتراف بالمثلية الجنسية على انها إحدى ” التوجهات الجنسية”. والتي ينبغي أن تحظى بالاحترام والظهور العلني المتساوي كالظواهر الأخرى، وهي ليست انحرافاً جنسياً. فضلاً عن ذلك، يسّلم هذا النقاش بأن الدافع المثليّ يسببه الميل الخلقي لدى الفرد. لكن الكنيسة تنطلق من مبدأ ان العلاقة الزوجية التي ألّفها الله تجمع بين رجل وامرأة  ولاتقارن بالانحرافات الجنسية. إذ إن الكنيسة مقتنعة بأن المثلية الجنسية هي تشويه آثم  للطبيعة البشرية. ومن الممكن  التغلب عليها بالجهاد الروحي ليصل الفرد الى الشقاء والنمو  الشخصي.

تشفى الشهوات المثلية  بالأسرار المقدسة والصلاة والصوم والتوبة وقراءة الكتاب المقدس وكتابات آباء الكنيسة، فضلاً عن تمضية الوقت برفقة المسيحيين الذين يتطوعون لتقديم الدعم الروحي اللازم.

بينما تتعاطى الكنيسة بروحٍ من المسؤولية الرعويّة مع الاشخاص ذوي الميول المثلية من ناحية، فهي تعترض بحزمٍ على كل المحاولات التي تهدف الى ابراز هذا الميل الآثم على أنه “معيار” أو مدعاة للفخر والاقتداء من ناحيةٍ أخرى. ولهذا السبب تندد الكنيسة بالدعاية للمثلية الجنسية. تقتنع  الكنيسة بأن كل شخص يبشر بالحياة المثلية يمنع من العمل التعليمي أو غيره من الأعمال مع الأطفال والشباب. كما يحرم من استلام اي منصب رفيع المستوى في الجيش والاصلاحيات. لكن مع ذلك، لاتسلب الكنيسة من اي احد الحق الأساس في الحياة واحترام الكرامة الشخصية والمشارة في الشؤون العامة.

التحول الجنسي

يتخذ السلوك البشري الجنسي المنحرف في بعض الأحيان شكل شعور موجعٍ يختلج الفرد بأنه ينتمي الى الجنس الآخر مايدفع به الى تحويل جنسه، اي مايُرف بالتحول الجنسيّ. قد تنجم عن رغبة الفرد في رفض الجنس المعطى له/ لها من قبل الخالق، آثار مدمّرة على التطورات المستقبلية. أدى “تغيير الجنس” عبر الهرمونات أو العمليات الجراحية الى تضخيم  المشاكل النفسية وليس الى حلّها في بعض الأحيان، مايسبب أزمة داخلية عميقة. لايمكن للكنيسة ان تقبل بهذا “التمرد على الخالق” والاعتراف بمصداقية التحول الجنسي الاصطناعيّ. إن  تم “تغيير جنس” أحد الأفراد قبل معموديتهم، سواء أكانوا من الذكور أم من الإناث، يقبلون في سر المعمودية كسائر الخطأة، لكن الكنيسة تعمدهم على اساس جنسهم الأصليّ، بالمقابل، لا يمكن لهؤلاء الأفراد أن يتدرجوا  في الكنيسة أو أن يتكللوا فيها.

من المهم التمييز بين التحول الجنسيّ وبين الخطأ الطبي في تحديد جنس المولود بسبب التحول المرضيّ في خصائص الجنين الجنسية، حيث لاتعتبر العملية الجراحية التي تنفّذ في هذه الحالة لتصحيح المرض تغييراً لجنس المولود.

(توماس بورن – تعريب الاب سيرافيم  داود  دير سيدة البلمند البطريركي)

مجلة النور لسان حال  الشبيبة الارثوذكسية السنة 78 العدد2 ص:77-80


Viewing all articles
Browse latest Browse all 1470

Trending Articles



<script src="https://jsc.adskeeper.com/r/s/rssing.com.1596347.js" async> </script>