لغتنا الرومية
لغتنا الرومية… “اليونانية” حالياً…
لمن لا يفهم سبب تعلّق “روم المشرق” بتلك اللغة سنفسّر له
1 – لأن كلمة “اللغة الرومية” تعني “اللغة اليونانية القديمة” التي تحدثها أجدادنا الروم المشرقيون في كرسي انطاكية وسائر المشرق وكذلك فلسطين، والاسكندرية وفاخروا بها. ولأننا متمسكون باسمنا “الروم” بكل بساطة، ولن نقبل عنه تبديلاً.
2 – بهذه اللغة ، كتب الروم المشرقيون “نتاجهم الادبي”، من شعر ومسرحيات ومجادلات في الفلسفة واللاهوت.
3 – بهذه اللغة كتب الروم المشرقيون وحفظوا “قوانينهم المدنية المستوحاة من الشريعة المسيحية” وعلّموها ليرتقوا بالانسانية، وبها كتبوا “قوانين كنيستهم” “ودستور ايمانهم”، لانها كانت اللغة الرسمية لكنيسة الروم المشرقية من سورية الى فلسطين الى الاردن الى آسيا الصغرى ولبنان وقبرص .
4 – بهذه اللغة “كتب الانجيل” اي “كتابهم المقدس”، وبهذه اللغة كتب “قداسهم” وكل “خدمهم الطقسية”، وهذا اعظم ما يملكون من تراث”.
5 – بهذه اللغة تحدث معظم قديسيهم، ووعظوا وعلّموا، من يوحنا الذهبي الفم المولود في انطاكية السورية الى يوحنا الدمشقي المولود في دمشق الى رومانوس المرنم المولود في حمص الى باسيليوس الكبير المولود في كبادوكية ومعهم “مئات القديسين من روم المشرق” الذين أبدعوا “بهذه اللغة” وتركوها لنا “ارثاً ثقافياً ثميناً”.
6 – بهذه اللغة “نقشوا على قبورهم” “وبيوتهم” ومعابدهم وكنائسهم … وكيفما بحث روم المشرق عن آثار أجدادهم وجدوا تلك اللغة محفورة على ما تبقى من ارثهم العظيم في “الهندسة والبناء” : هياكل واعمدة وأطلال عظيمة نقشت عليها اسماء اجدادنا باللغة اليونانية … ارث عظيم، دمّره الغزاة ليفرضوا علينا “لغتهم” العربية بدل لغتنا الرومية ، و”اسلوب حياتهم البدوية المتنقلة” بدل اسلوب حياتنا الحضارية المستقرة، و”قبليتهم” بدل “مدنيتنا”.
7- عندما بنى أجدادنا الروم امبراطوريتهم، جعلوا “الرومية” لغة رسمية، ووسيلة تواصل، ولغة فلسفة وتجارة ، ولغة علوم وحضارة، ولغة محكية في الشارع والمسرح والكنيسة… فصقلوا “بها وحدها” تميزهم الحضاري .
8 – اسماء اجدادنا الروم المشرقيين الاصيلين، كانت “رومية يونانية” وهي لا تزال منقوشة على ما تبقى من اطلال وكنائس وقبور هدمتها رياح التصحر والغزو والتعريب منذ القرن السابع الميلادي … هنا في دمشق وحوران وحلب وبيروت واربد والقدس … كلما فتّشنا في التراب بحثاً عن اجدادنا المشرقيين قبل ظهور الاسلام، وجدنا تلك الاسماء محفورة على قبور اجدادنا باللغة الرومية : “مكاريوس” و”ثيوذوروس”واغابيوس، وخريسوستموس، وباسيليوس، واثناسيوس ، وديمتريوس ، ونيقولاوس … هذه اسماء اجدادنا ممن “بنوا” انطاكية ودمشق وحوران وبيروت والقدس “قبل ان تسود لغة العرب” بقرون ، وقبل ان يدخل العرب المشرق عام 634 م .
أدب “الروم” ، “فلسفة” الروم، “طقوس الروم” “وقداسهم”، “وكتابهم المقدس”، و”تاريخهم” وذاكرتهم الجماعية ، “واسماء اجدادهم” و”قوانينهم” المكتوبة … كلها “باللغة الرومية اليونانية” كتبت وجبلت… هذه اللغة جزء من “اصالتهم”، و”عنصر اساسي في تراثهم وهويتهم وخصوصيتهم” ..
واية دعوة “لتعريب” هذه الطائفة او “تغريبها”، واية محاولة لطمس ماضيها الرومي او ” لقطع علاقتها بتراثها وماضيها” ، هو مسّ بمشاعر الروم اليوم، وتدمير لتراثهم الحضاري الذي يسعون قدر الامكان للحفاظ عليه “ضمن افضل العلاقات مع الاخر”، بلا ذوبان ولا تصادم .
نحن اكثر الناس انفتاحاً ، نحب الاخر… ونحترمه … ولكن “ان نخسر انفسنا وتراثنا وهويتنا …فهذا ما لن نقبل به عملاً بقول السيد المسيح : “ماذا ينفع الانسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه”…
نسور المشرق