Quantcast
Channel: د.جوزيف زيتون
Viewing all articles
Browse latest Browse all 1470

لا تُحاربوا الروس

$
0
0
لا تُحاربوا الروس

نطرحُ في هذا البحث أسئلةً تدور  حول ما جرى ويجري في أوكرانيا على كافة الصعد؛ العسكرية والسياسية والاقتصادية، مع إجاباتٍ عنها حسب رؤية مركز فيريل للدراسات. الحرب الفعلية لم تبدأ حتى تنتهي وما يجري هو تدريبات على حرب كبيرة يتمّ تأجيلها لكنها في النهاية ستقع. حربٌ لن تقتصرَ على ساحة معيّنة أو بين دولتين. الاصطفاف النهائي لم يحصل بعد، ومازال أمام الفرقاء متسعٌ من الوقت للتفاوض وتوقيع معاهدات واتفاقيات ثم نقضها مع قدوم حزب حاكم جديد ومعه رئيس جديد أيضاً.

هل تجاوزَ دلال أوكرانيا دلال إسرائيل!

لم تحظَ دولة بمساعدات عسكرية أميركية كما حظيت أوكرانيا. حتى الكيان الصهيوني لم يصل لهذه المرتبة، فقيمة تلك المساعدات العسكرية فقط وصلت اليوم إلى 18,6 مليار دولار ، بالإضافة لمساعدات من الدول الأخرى، فهل هذا كافٍ لتحقيق النصر على روسيا؟

أول حزمة مساعدات أميركية وصلت الكيان الصهيوني كانت عام 1949، ومن يومها حتى شباط 2022 كانت حصّة تل أبيب 55% من جميع المساعدات الأميركية لباقي دول العالم، لتصل إلى 260 مليار دولاراً حسب تقديرات مركز فيريل للدراسات خلال 73 عاماً بمتوسط سنوي 3,5 مليار دولار.

حجم المساعدات العسكرية الأميركية لأوكرانيا، سيصل مع شباط 2023 إلى 25 مليار دولار، وهو ما يعادل أكثر من 7 أضعاف ما تقدمهُ واشنطن لإسرائيل سنوياً، عِلماً أنّ تل أبيب خاضت عدة حروب ضد سورية ومصر ولبنان وهي في وضع حرب دائم وعدوان مستمر ضدّ الجيش السوري والمقاومة في فلسطين.

الدلال الذي حظيت به أوكرانيا لم تحظّ به دولة أخرى، كيف؟

بالتدقيق وجدنا في مركز فيريل أنّ واشنطن وإدارة جو بايدن تحديداً، عندما تتحدث عن قيمة مساعدة ما، تُعطي رقم التكلفة وليس سعر بيعها تجارياً، والسبب عدم شحن الشعب الأميركي أكثر ضد أوكرانيا وضد الحزب الديموقراطي الحاكم، وهو يرى المليارات تتدفق على غيره. لهذا فقيمة المساعدات تصلُ لضعف الرقم الرسمي.

هل تُحارب روسيا أوكرانيا أم الناتو؟

نشر البنتاغون بعض التفاصيل عن كمية ونوعية الأسلحة المُقدمة لكييف حتى أيلول الماضي؛ منها 1400 نظام ستينجر المضاد للطائرات، 32000 نظام مضاد للدبابات، 8500 نظام جافلين المضاد للمدرعات، 1420 طائرة مسيرة من نوع Aero Vironment Switchblade ونوع Phoenix Ghost وهذه الأخيرة هي الأحدث في الترسانة الأميركية ولم تُزوّد بها واشنطن بعد أية دولة حول العالم. تُضافُ لهذه الأسلحة ما ورد من الدول الأوروبية.

كي نعلم مدى الإنخراط الأميركي في الحرب بأوكرانيا، ننقل لكم معلومات خاصّة بمركز فيريل للدراسات كمثال عمّا جرى في إحدى ساحات المعارك. بتاريخ 12 نيسان 2022 وصلت كييف 119 طائرة مسيرة من النوعين السابقين، استخدمت مباشرة من قِبَل خبراء عسكريين أميركيين ضد الجيش الروسي الذي يُحاصر ماريوبول جنوب أوكرانيا. تتذكرون ذلك الحصار وكم احتاج من وقت وتحدثت وسائل الإعلام الغربية عن بطولات المُحاصرين. لا نستغربُ في مركز فيريل لماذا لا تكشفُ السلطات الروسية عن بعض الحقائق التي وصلتنا وتمتلكُ أضعافها دون شك، ربما كي لا تجد نفسها أمام وضع قتالي مباشر مع الجيش الأميركي وعليها التصريح بذلك علناً، وبالتالي توسّع الحرب إلى ما لانهاية.

باقي معلوماتنا تقول

 دعكم من بروباغندا طائرات البيرقدار، التي فقدت أهميتها بعد تمكّن الروس من إسقاط العشرات منها ونضوب المخازن. الدور الأبرز هو للمسيرات الأميركية وفي حصار ماريوبول والتقدم الأخير في شمال شرق أوكرانيا خير مثال. طائرات “شبح العنقاء” حسب ترجمتها للعربية، والتي تجاوز ما حصل عليه الجيش الأوكراني 700 طائرة حسب المُعلن، في الأيام الأولى كانت مشاركة الأميركيين أساسية، بعدها استطاع الأوكران التدرب على استخدامها.

قسم كبير منها طائرات انتحارية صغيرة الحجم تُحمل في حقيبة على الكتف، تعمل ليلاً بالأشعة تحت الحمراء، تقترب من الهدف وتنفجر مباشرة قبل أن تصطدم به. يمكنها التحليق 6 ساعات متواصلة. هذه الطائرات استطاعت تكبيد الروس خسائر كبيرة وإيقاف زحفهم، وفي الشمال استطاعت اختراق الخطوط وتدمير مئات المدرعات والدبابات وهنا حصل التقدّم الأوكراني.

روسيا اليوم تُحارب الناتو بنفس الأسلوب عبر المسيرات الانتحارية، وبنفس أسلوب الجيش الأميركي؛ الأرض المحروقة. تدمير كل شيء فلماذا تُحافظ على مبانٍ عامة طالما سيتم استخدامها عسكرياً. هذا مافعلته الولايات المتحدة في كافة حروبها الأخيرة؛ قصف وتدمير المدن عدة أيام قبل دخولها.

هل سيأتي كسرُ القيود بعد الجوع والبرد وغلاء الأسعار؟

لاشك أنّ الحرب تُدمّر كافة الدول التي تُشارك فيها، وقد قلناها منذ البداية؛ أول المتضررين هي أوكرانيا ثم أوربة بعدها روسيا والولايات المتحدة. لهذا لا رابح في أية حرب.

أحد الطرق التي بات يتبعها الروس علناً هي حرب الغذاء والطاقة والصبر، وكي لا نتجنّى على موسكو؛ كييف تُقدّم المبررات مجاناً للصواريخ الروسية كي تقصف كلّ ما يتحرّك، وآخرها الهجوم بالمسيرات على الأسطول الروسي في البحر الأسود وميناء القرم الأول، الهجوم هذا قدّم مُبرّراً لانسحاب روسيا من اتفاقية الحبوب وجعل أسعار القمح ترتفع هنا في برلين 7% خلال ساعات فقط، حتى الشعير لن يجدهُ أصحاب العقوبات. صحيح أنّ روسيا عادت للاتفاقية لكنها ستستخدمُ أية ذريعة لإيقافها ومنع الحبوب عن الغرب.

بلغة الأرقام؛ العقوبات الأوروبية في مجال الطاقة ضد روسيا بدأت فاتورتها التقديرية بـ400 مليار يورو، يوم كان هناك عملة اسمها يورو… اليوم سيدفع الاتحاد الأوروبي 157 مليار دولار ثمن الغاز المسال للولايات المتحدة والنرويج سنوياً، عوضاً عن الغاز الروسي الذي كانت فاتورته وسطياً لا تتجاوز ثلث هذا الرقم وبضعف الكميات.

الحال هذه لا يمكن أن يستمرَ فيها الاتحاد الأوروبي هذا الشتاء وبودار الاستسلام بدأت تلوح، ومعها بوادر كسر قيود العبودية الأميركية بزيارة أولاف شولتز للصين قبل يومين. والمزيد قادم بما في ذلك المفاوضات مع موسكو قبل أول سقوط للثلوج في أوروبا.

خزانات ألمانيا ممتلئة 95%، هل هذا كاف؟

استطاعت عدة دول أوروبية ملء خزاناتها الاستراتيجية من الغاز الروسي بطريقة ملتوية، وذلك عبر شراء الغاز عن طريق الصين، كونها تفرض عقوبات على موسكو… المهم امتلأت تلك الخزانات، فهل هذا مُطمئن وكافٍ لشتاء بارد؟

ما لا يعرفهُ البعض أنّ الخزانات الاسترتيجية مملوكة لشركات خاصّة وجزء بسيط للدولة لا يتجاوز 10%، وكمثال؛ شركة Trading Hub Europe تُسيطر على سوق الغاز  الألمانية، اضطرت الحكومة لمنحها 15 مليار يورو لتخزين المزيد من الطاقة، ومنها 60 تيراوات ساعي. وهو ما يعادل ربع ما تخزنه الدولة الألمانية.

تناقلت وسائل الإعلام الغربية نقلاً عن مسؤولين أوروبيين كبار أنّ المخزون الاستراتيجي بات يكفي 3 أشهر على الأقل، في إشارة لاستغنائهم عن الطاقة الروسية، وهذا خداع للشعب قبل روسيا، لماذا؟ سنأخذ الولايات المتحدة صاحبة أكبر مخزون استراتيجي في العالم. القدرة القصوى للتخزين هي 635 مليون برميل. الاستهلاك اليومي 18 مليون برميل، أي يكفي هذا المخزون نظرياً 35 يوماً فقط. لكن؛ لا يمكن أن سحب أكثر من 4,5 مليون برميل يومياً كحد أقصى، لهذا في حالة تكرار سيناريو 1973 لا يمكن استخدام مصادر الطاقة “البترول” إلا بنسبة 25% أي للمراكز الحيوية الهامة؛ المشافي ومصانع السلاح والجيش والأمن، وفي هذه الحالة سينقطع البترول عن الشعب الأميركي دون شكّ، عندها فقط سيكفي لعدة أشهر، فهل تستطيعُ الشعوب الغربية الحياة أربعة أشهر دون طاقة؟

مَنْ صاحبُ المصلحة بإطالة الحرب؟

ليست الإجابة على هذا السؤال بهذه السهولة لأنها تتعلّقُ بتطورات الصراع وليس بالأهداف المعلنة وحسب، والأمر نسبي متغيّر حسب ظروف المعارك وسيرها وما يرافقها من أحداث هامة مصيرية. ففي البداية كان من مصلحة أوروبا أن تطول الحرب لاستنزاف روسيا، الآن انقلبت الصورة؛ فإطالة الحرب أصبحت استنزافاً لخزينة الاتحاد الأوروبي المالية والعسكرية والشعبية.
اليوم ونحن في بداية تشرين الثاني 2022، من مصلحة روسيا وإلى حدّ ما الولايات المتحدة أن تطول هذه الحرب لكن لكلّ أسبابه. موسكو تنتظر الشتاء لتحقيق النصر على الناتو قبل أوكرانيا، وواشنطن تنتظرُ هزيمة الروس بأية وسيلة حتى لو كانت عبر المخلوقات الفضائية.

تسعى الإدارة الأميركية الحالية لإطالة أمد الحرب قدر الامكان، بدءاً من منع زيلينسكي من إكمال التفاوض في الأيام الأولى للحرب وحتى تاريخه. مروراً بتقديم المساعدات العسكرية والاقتصادية للأوكرانيين ليستمروا بالقتال حتى آخر جندي، وانتهاءً بنشر القاذفات الاستراتيجية والقنابل النووية عند حدود روسيا. ولكن ماذا عن نتائج الانتخابات النصفية الأميركية؟ الأخبار تشير اليوم 08.11.2022 إلى تفاوض أميركي مع روسيا وما خفيَ أعظم.

من مصلحة دول الخليج العربي، التي بدأت تتنفس الصعداء بتخفيف الضغط الأميركي عليها وبدء ظهور استقلالية القرار السعودي تحديداً، ومزيد من الأرباح بسبب ارتفاع أسعار البترول والغاز.

ليس من مصلحة معظم دول العالم، خاصة الفقيرة منها، أن تطول هذه الحرب أكثر، فالمجاعة باتت تدقُّ الأبواب.

هل كانت أوكرانيا فخاً نصبتهُ الولايات المتحدة لروسيا؟

لا تُحاربوا الروس. بحث من مركز فيريل للدراسات. الجزء الأول 08.11.2022. الدكتور جميل م. شاهين. الجزء الثاني يأتيكم بعد يومين. مع تحياتنا.

لا تُحاربوا الروس
الجزء الثاني
طرحنا في الجزء الأول من هذا البحث أسئلةً حول ما جرى ويجري في أوكرانيا على كافة الصعد؛ العسكرية والسياسية والاقتصادية، مع إجاباتٍ عنها حسب رؤية مركز فيريل للدراسات. وذكرنا أنّ الحرب الفعلية لم تبدأ حتى تنتهي، وما يجري هو تدريبات على حرب كبيرة يتمّ تأجيلها لكنها في النهاية ستقع، وكلّ يوم قتال يمر يؤكدُ أنّ الأهداف لاتنحصرُ في السيطرة على أوكرانيا إنّما هي مرحلة فقط قبل حربٍ لن تقتصرَ على ساحة معيّنة أو دولتين. الاصطفاف النهائي لم يحصل بعد، ومازال أمام الفرقاء متسعٌ من الوقت للتفاوض وتوقيع معاهدات واتفاقيات ثم نقضها، مع قدوم حزب حاكم جديد ومعه رئيس جديد أيضاً. نطرحُ اليوم المزيد من الأسئلة مع الإجابة عليها حسب رأينا وخبرتنا.

هل كانت أوكرانيا فخاً نصبتهُ الولايات المتحدة لروسيا؟

نجحت الولايات المتحدة بإشغال روسيا في عدة ملفات على مدى ثلاثة عقود منذ انهيار الاتحاد السوفيتي. أوكرانيا أحد تلك الملفات التي وقفت حجرة عثرة أمام التوسع الجيوسياسي الروسي. نعم؛ ما نراه في مركز فيريل أنّ الحرب في أوكرانيا كانت فخّاً نصبته واشنطن ليس لموسكو وحسب، بل لمعظم الدول بما في ذلك الصين وحتى حلفائها الأوروبيين، لهذا نُسمّي هذه الحرب بالنسبة لروسيا “حرب الإجبار وليس الاختيار” أي روسيا اضطرت لهذه الحرب عندما صار أمنها القومي في خطر، وكييف ستشكل هذا الخطر الوجودي فيما إذا انخرطت في حلف الناتو، لهذا كان لابد من الجراحة الشاملة.

روسيا اضطرت لخوض هذه الحرب وعليها أن تنتصر، بينما المطلوب أميركياً أن تنتصر أوكرانيا، ماذا لو انتصرت روسيا؟ ستكون كارثة لأوربة والناتو والولايات المتحدة.

كارثة لليسار العالمي بالمعنى المجازي. فيريل للدراسات.

هل إطالة الحرب تفيدُ الولايات المتحدة؟

منذ 24 شباط 2022 وحتى تاريخه؛ تُحاول الولايات المتحدة إطالة الحرب بانتظار هزيمة الجيش الروسي أو استنزافه واستنزاف الاتحاد الأوروبي، فهل يصبّ هذا بمصلحتها؟

مبدئياً؛ نعم صبّ ويصبُّ هذا في مصلحة الولايات المتحدة فهي الأقل تأثراً من كافة النواحي بعواقب الحرب والعقوبات المفروضة على روسيا، رغم ارتفاع الأسعار فهي بحال اقتصادية أقل سوءاً من كافة حلفائها الغربيين، ولكن على المدى الطويل قد ينقلبُ الأمر ضدها.

تأثرت اقتصاديات كافة دول العالم سلباً بالحرب، بينما حتى اللحظة يبدو الاقتصاد الأميركي الأقل تأثراً رغم نسبة تضخم قياسية، في حين استطاعت سحب رؤوس الأموال من حلفائها برفع نسبة الفائدة في البنك الفيدرالي الأميركي. إضعافُ أوروبا هدف أميركي آخر وهنا يأتينا السؤال: ماذا لو استفاق هؤلاء الحلفاء الأوروبيّون وعاملوا واشنطن بالمثل؟ ومَنْ قال أنّ الأوروبيين لا يعرفون أنهم “أغنام” تُساق للذبح، وهل تستطيعُ الأغنام الاعتراض؟

إطالة الحرب تعني المزيد من الدعم الأوروبي والأميركي، إلى متى؟ المظاهرات والإضرابات بدأت تُحرجُ الساسة الأوروبيين مترافقة مع نسب تضخم مرتفعة وشتاءٍ بدأ ولم يعد على الأبواب.

الجمهوريون لم ينجحوا كأغلبية في مجلس الشيوخ، فقط في مجلس النواب، لكنهم رغم ذلك يمكنهم تعطيل قرارات الديموقراطيين ورئيسهم جو بايدن، وهنا نقول تعطيل ثم تحويل هذه القرارات نحو العدو الأهم بنظرهم وهو التنين.

أمر آخر، إطالة الحرب تعني احتمال توسعها لتصلَ إلى مواجهة مباشرة مع بعض دول الناتو “المتحمسة”، وشاهدنا محاولة إشعال الحرب مع الناتو بعد سقوط صاروخ “أوكراني” في بولندا، كما أُخرِجَ المشهد سلمياً وتمّ تأنيب زيلينسكي لأنه أراد إشعال النيران أكثر. الغريب هنا أنّ أضعف الدول عسكرياً هي صاحبة الصوت الأعلى والتهديد الأشد. فليتوانيا التي تمتلك 2700 جندي مقاتل فقط، هددت روسيا! حتى الآن، لا تريدُ الولايات المتحدة أية مواجهة مباشرة مع روسيا وستتغاضى عن الحوادث البسيطة.

ما مدى أهمية الحرب في أوكرانيا للطرفين؟

حتى 25 حزيران 1994 تاريخ انسحاب آخر جندي “سوفيتي” من ألمانيا الشرقية بعد توحيد الدولة وانهيار الاتحاد السوفيتي، كانت برلين “الشرقية” تدافعُ عن أسوار موسكو من جهة الغرب. بعدها تولّت كييف تلك المهمة.

عقبَ احتجاجات 21 تشرين الثاني 2013 والانقلاب على السلطة الحاكمة بمساعدة الولايات المتحدة. بدأ التحرّك الروسي للدفاع عن أسوار موسكو باسترجاع شبه جزيرة القرم في العام التالي. اليوم؛ لن تتراجع روسيا أكثر ولن تنكمش في الكرملين، لهذا لن تسمح لأيّة دولة المساس بأسوار موسكو وستمضي حتى النهاية.

بالمقابل؛ نرى في مركز فيريل للدراسات أنّ هذه الحرب مصيرية أيضاً للولايات المتحدة وقد نختلف مع كثيرين في ذلك. واشنطن تتقصّد التظاهر بأهمية متوسطة أو عدم أهمية انتصار روسيا، والتركيز أكثر على الحرب مع الصين. ما نراهُ هو أنّ نتائج الحرب في أوكرانيا مصيرية لروسيا وللولايات المتحدة وللصين أيضاً، وهي حربٌ بين الشرق والغرب وبين اليمين واليسار، والمنتصر سيسيطر والخاسر سينكفئ ويجلس في الزاوية. وهنا تتجلى حساسية وخطورة هذا الصراع.

اليمين الأوروبي بدأ يصعد قبل شباط 2022، لكن هذا الصعود تسارعَ أكثر وأطاحَ بعدة زعماء من اليسار، آخرها ما حصل في إيطاليا.

زعماء أوربة أمام أوامر الولايات المتحدة؛ ضعفاء أم أغبياء؟

أوربة في أضعف أيامها وتفككها منذ توقيع اتفاقية Maastricht Treaty في 07 شباط 1992، وتبعيتها للولايات المتحدة باتت أوضح وإذعانها وصل إلى مرحلة الإذلال هذه الفترة. حاول العديد من زعمائها صرنا نلمسُ قرارات وإجراءات حكومية أوروبية ونسمعُ تصريحات وزراء، هي نسخة طبق الأصل عن قرارات وتصريحات وزراء دول ما يُسمى مجازاً “العالم الثالث”. قراراتٌ تهدمُ الاقتصاد وتسحبُ “اللقمة” من فم المواطن الأوروبي كي يشتروا بها رصاصة لبندقية جندي أوكراني. هنا امتزجَ الهوان والتبعية الأوروبية بالعجز السياسي، نتائجُ هذا العجز نراها اليوم ولن ننتظرها حتى ينتهي الشتاء وشوارع أوربة تتكلم.

الكذب وصل إلى النشرات الجوية!

في أيلول الماضي كنا نُجري بحثاً في مركز فيريل للدراسات عن صيف 2022 وشتاء 2023 وتوقعات الأرصاد الجوية ومراكز التنبؤ العالمية، لكننا لم نقتنع نهائياً بما وردنا أو حصلنا عليه من تلك المراكز لسببين الأول هو التناقض الكبير بين النموذج الأميركي والأوروبي لتوقعات الطقس، والسبب الثاني هو تناقض التصريحات مع خرائط الطقس، فالنموذجين اتفقا بأمر واحد هو “شتاء عالمي دافئ أكثر من السنوات الماضية” وهذا أمرٌ مشكوك فيه تماماً.

مع بداية تشرين الثاني 2022 وبصورة مُبكّرة، تساقطت ثلوج كثيفة استثنائية في الولايات المتحدة منطقة البحيرات العظمى، ويسود الآن طقس بارد بحدراة دون المعدل، وهذه أول أكاذيب نشرات الطقس والتوقعات البعيدة، بالإضافة لأكاذيب أخرى آخرها ما يجري حالياً هنا في أوربة، حيثُ تُشير نماذج الطقس الأوروبية إلى موجة باردة ثلجية قادمة من وسط وشمال روسيا بتغذية قطبية، ستسيطر على وسط وشمال أوربة بدءاً من 8 كانون الأول الحالي، على النقيض تماماً؛ النماذج الأميركية تُطمئنُ المواطن الأوروبي بأن الطقس سيكون دافئاً ولا ثلوج في الطريق على المدى المنظور على الأقل. أيام قليلة وتنكشف الحقيقة.

مَنْ توقّعَ أن تستمر الحربُ في أوكرانيا شهوراً؟

بدون شك الجواب: لا أحد. حتى المخابرات الأميركية توقعت سقوطَ كييف خلال أيام، وأن يسيطر الجيش الروسي على أوكرانيا خلال شهر على أبعد تقدير. هذا ما نشرته شبكة (CNN)  بناءً على مصدرين مطلعين على أحدث المعلومات الاستخباراتية الأمريكية التي أفاد بها مسؤولون أمام الكونغرس الأميركي.

الإفادة جاءت يوم الخميس بعد بدء الهجوم الروسي بساعات فقط، وبثته الشبكة يوم الجمعة 25 شباط 2022، أي ثاني أيام الحرب. حسب الشبكة الأميركية ننقل لكم حرفياً: (يعتقد مسؤولو المخابرات الأميركية والغربية أنّ العاصمة كييف ستقع تحت السيطرة الروسية في غضون يوم إلى 4 أيام. وقال مسؤولون أمريكيون للمشرعين في الكونغرس، مساء البارحة الخميس 24 شباط، إنّ القوات الروسية “وصلت إلى مسافة 20 ميلاً” حوالي 32 كيلومتراً من العاصمة كييف. نعتقدُ أنّ روسيا ستواجه مقاومة من القوات الأوكرانية “أشد مما توقعنا”).

كانت الخطة الروسية تتضمن ظاهرياً على الأقل؛ الوصول إلى قلب كييف والإطاحة بالحكومة وتنصيب حكومة صديقة لروسيا، أي حتى الروس توقعوا أن تنتهي الحرب خلال أيام. ما جرى قلبَ كافة التوقعات؛ الجيش الأوكراني أبدى مقاومة شرسة غير متوقعة، كونه يدافع عن أرضه وتمّ تسليحه بشكل جيد من الغرب قبل وأثناء الحرب. هنا غيّرت موسكو من خططها بعد فشل مخابراتي أولاً في تقييم قوة الأوكران وتوقعات ردة فعل الناتو. فبدأ مسلسل تغييرات في القيادات العسكرية مازال مستمراً، وخسائر بشرية وعسكرية أكبر من كافة التوقعات لثاني أقوى جيش في العالم.  

حالياً؛ ينقسمُ الغرب بين دول تسعى لإيقاف الحرب والجلوس لطاولة المفاوضات، بعد أن فقدت تلك الدول الأمل بإسقاط روسيا وعلى رأسها بوتين، وأخرى مازالت مصرّة على القتال ليسَ حتى آخر عسكري أوكراني، بل آخر مواطن أوكراني. بين هنا وهناك يدفعُ الشعب دائماً فاتورة الزعماء وتجار الحرب ومعامل السلاح والطاقة والطمع الذي لا ينتهي.

لا تُحاربوا الروس.(بحث من مركز فيريل للدراسات. الجزء الثاني 01.12.2022. الدكتور جميل م. شاهين. زيد م. هاشم. المهندس باسل علي الخطيب.)

أمازلنا على مسافة قريبة من حرب عالمية نووية؟

نلقاكم بخير دائماً. فيريل للدراسات.

المهندس باسل علي الخطيب. زيد م. هاشم. الدكتور جميل م. شاهين.


Viewing all articles
Browse latest Browse all 1470

Trending Articles



<script src="https://jsc.adskeeper.com/r/s/rssing.com.1596347.js" async> </script>