Quantcast
Channel: د.جوزيف زيتون
Viewing all articles
Browse latest Browse all 1470

فندق بلودان الكبير…

$
0
0
واجهة الفندق
فندق بلودان الكبير

من يتعمق قليلاً بتاريخ هذه المنطقة سيجد دون أدنى شك عظمة هذا المكان وعمقه في الزمان، كما أنه بشيء من التروي واستنشاق هوائها العليل صيفاً والملفع بالبرودة شتاءً سيعرف أن ثمة رائحة من عبق الماضي وذكريات لا تنتهي.

بلودان هي ببساطة جنة على الأرض، تطل من ارتفاع يزيد عن 1500 متر عن سطح البحر على سهول خضراء شاسعة، تشرب تلك السهول من ينابيعها صيفاً شتاءً دون أن تكف عيون بلودان عن العطاء.

“بلودان جنة وللجنة بينسبوها.. وقصة عدن فيها تورخوها/ بلودان قطعة من الفردوس منشالي.. وكل الناس صاروا يقصدوها/ ضيعتي بأيام عتم الليالي.. جدودنا كسروا الصخر وبنوها/ ومن عصر نوح بعهود الخوالي.. فيها كروم الدوالي بيزرعوها/ ضيعتي دروبها قناطر دوالي.. وخوابي الخمر فيها عتقوها”.

تقع بلودان على نهاية جدار جبل “الشقيف” وهو جزء من سلسلة جبال لبنان الشرقية من ناحية الغرب، ويشرف هذا الجبل على سرغايا والزبداني، وترتفع عن سطح البحر 1550 م.

أما أهم المعالم السياحية في بلودان فهي “شجرة مار الياس” وهي شجرة سنديان قديمة ومعمرة وتتبارك بها جميع الطوائف في المنطقة وتدعى “شجرة الخضر”، وتقع أسفل بلودان في منطقة الجرجانية. ويقول فيها الشاعر البلوداني “إميل منصور”:

“سألت الناس عن هالسندياني.. لبيساع بجوفها سبعة تماني/ جدي قال: قلو جد جدي.. وجدهن قال ما هي عازماني/ إنتي هون مين قلك تشدي.. ومن وين الأساس الأولاني/ قالتلي أنا من دهور عدة.. آدم هون بلوطة رماني/ قلت بالقطع ما شفتي تعدي.. قالتلي مبلا وربي حماني”.

هنالك كثير من الفنادق في العالم تشتهر بتاريخها الحافل على قدم المساواة بما تقدمه من خدمات ومستويات عليا في الفخامة. والمجموعة العربية التالية هي لفنادق عربية كلاسيكية تجمع فيما بينها أجمل نفحات التاريخ للشخصيات التي نزلت فيها وربما أيضا الأحداث التي صاحبت الفنادق وربما المدن التي تقع فيها هذه الفنادق ومسارات السياسة التي تغيرت بعد اجتماعات في أروقتها.

هذه الفنادق تتبع تقاليد ضيافة أصيلة وتعد مدارس في حد ذاتها في تقديم خدماتها لكبار الضيوف. ومن ينزل في هذه الفنادق في العصر الحديث يمكنه أن يلامس التاريخ وأحداثه في أركانها المختلفة. ويتذكر قدامى العاملين في هذه الفنادق شخصيات كثيرة وأحداثا عدة وقعت فيها على مر السنين ولكنهم يلتزمون بتعهد عدم البوح بأسرار ضيوفهم.

بلودان مصيف سوري يقع في شمال غرب دمشق، على ارتفاع 1550 متراً فوق سطح البحر. تقع على هضبة تطل على سهل الزبداني ببساتينه واشجاره المثمرة. تبعد بلودان عن دمشق 50 كم.
مصيف بلودان من أقدم المصايف في سورية والمنطقة العربية وله شهرته في اجتذاب السياح منذ القرن التاسع عشر بسبب مناخه البارد صيفا، الكثير من المشاهير زاروا بلودان عبر تاريخ هذا المصيف، وقد زار بلودان في 1885 ولي عهد إيطاليا الأمير فيكتور عمانوئيل، وفي عام 1898 زارها امبراطور ألمانيا غليوم الثاني برفقة زوجته وزارها الملوك والرؤساء والوزراء وقد عقدت في فندق بلودان الكبير الكثير من المؤتمرات العربية أشهرها مؤتمر بلودان الذي جمع الحكام العرب عام 1937 والذي اسهم في تأسيس جامعة الدول العربية.
واجهة الفندق
فندق بلودان الكبير

ارتاده السوريون ابتداءً من عام 1930 بعد سنوات من قضاء إجازاتهم في لبنان 

يقودك ما تغنى به الشاعر السوري نزار قباني “أنا الدمشقي لو شرحتم جسدي لسال منه عناقيد وتفاح” إلى أماكن ساحرة بما تخفيه مدينة ظلت تكنى بياسمينها، بينما بيوتها العتيقة أشبه بـ”قارورة عطر”، ومنها إلى الغوطة والسهول والجبال المكتنزة بطعم آخر للجمال وريفها الأخاذ، وصولاً إلى مكان يعد ثاني أعلى قمة من قمم الجبال في سورية، إنها (بلودان).

“بلودان الكبير”… قصة فندق سوري شهد أولى القمم العربية

في  فندق بلودان الكبير. وفي عام 1937 عُقدت أولى القمم العربية بمنطقة ترتفع عن سطح البحر 1550 متراً، وتطل على سهل الزبداني الخلاب، تحيط به أشجار الكرز والتفاح كسوار حول معصم، بينما يبعد عن العاصمة دمشق نحو 50 كيلومتراً، وقد اشتق اسم بلودان من “بيل – دان” ويعني مكان “الإله بعل” وظل مقصداً للسياح الأجانب والعرب، ومتنزهاً شعبياً للدمشقيين، ومطرحاً متميزاً للمخيمات الكشفية الدمشقية، لانتشار اشجار الارز والصنوبر وبقية الحراجيات.

“بلودان الكبير” الشاهد على حقبة سياسية مفصلية بتاريخ العرب فترة الثلاثينيات من القرن العشرين الماضي، تروي جدرانه وقاعاته قصة التقاء البلدان العربية في أكثر الأوقات صعوبة من تاريخ أمة غارقة بفوضى عارمة من الاحتلال والجهل والنزاعات في فترة ما بين الحربين العالميتين.

صور جميلة من طبيعة بلودان
صور جميلة من طبيعة بلودان
ضم الفندق على مدى يومين في الثامن من أيلول 1937 نخبة من القادة والزعماء، في مؤتمر سمي “بلودان الأول” وشهدت أروقته أبرز المؤتمرات العربية قبل ولادة الجامعة العربية في 22 آذار عام 1945، وجاء انعقاده بسبب غضب شعبي عارم لتقسيم فلسطين والأردن إلى دولة يهودية، ومنطقة انتداب بريطانية، ومنطقة عربية إمارة شرق الأردن.

الحياة في بلودان

مع كل قمة تعقدها الجامعة العربية يتذكر السوريون فندق بلودان الكبير بعد أن ارتبط اسمه بهذا المؤتمر العربي الأول من نوعه، جدد الفندق قبل الحرب الأخيرة في سورية محافظاً على مقتنيات اثرية وتحف شعبية كآلات الموسيقى المحفوظة بردهته، وصور لشخصيات وشخوص عربية متنوعة الثقافات.

بلودان الجميلة
بلودان الجميلة
يبدو من الغريب اختيار العرب في ذلك الحين عقد مؤتمرهم المصيري بهذا المكان البعيد من العاصمة دمشق، لكن في المقابل لم تكن بلودان بعيدة كثيراً إذ تتموضع في نهاية سلسلة جبال لبنان الشرقية، حيث تتوسط بلدان الإقليم القريبة منها.
 كان فندق بلودان الكبير هو الأمير والأول في المصايف السورية بناه آل شامية جبران وتوفيق شامية الدمشقيون عام 1930، وقد ارتاده السوريون والدشقيون الاغنياء ابتداءً من هذا العام ١٩٣٠ بعد سنوات من قضاء إجازاتهم في بلدات الاصطياف اللبنانية مثل صوفر وعاليه وبحمدون”.
ويرى أن الفندق لم يكن كبيراً مقارنة مع فندق فكتوريا في دمشق، وفيه 71 غرفة فقط، ومسبح ومقصف راقيين، ولكنه اكتسب أهمية إضافية نظراً إلى الشخصيات التاريخية التي حلت به، وفي مقدمتها الموسيقار محمد عبدالوهاب الذي اشتهر بحبه لبلودان، وقضاء فترات طويلة في ربوعه حيث كان يصيف سنويا في بلودان ويقضي شهر أغسطس ( آب ) من كل صيف فيه
وقد سمي الجناح الذي كان ينزل فيه باسمه حتى الآن .
لقد عقد مؤتمر بلودان الأول في أعقاب الثورة المشتعلة ضد الإنجليز في فلسطين، وترأس جلسته الافتتاحية وزير خارجية سورية آنذاك سعد الله الجابري ومن بعده رئيس وزراء العراق الأسبق ناجي السويدي.
ولقد حضر المؤتمر 450 شخصية عربية 124 منها من فلسطين مثل محمد عزة دروزة وأكرم زعيتر وأحمد الشقيري الذي كان أول رئيس لمنظمة التحرير الفلسطينية قبل ياسر عرفات، وقد انتخب المؤتمرون مفتي القدس الحاج أمين الحسيني رئيساً فخرياً لمؤتمر بلودان، بعد أن منعت السلطات البريطانية حضوره وضربت طوقاً أمنياً حول داره في فلسطين”.
مؤتمر بلودان الثاني
لم يستضف الفندق مؤتمراً واحداً للعرب بل حفل بعقد مؤتمر ثان في رحابه، بعد عقد من الزمن، وكان وقتها برعاية من الجامعة العربية، وعُقد في حزيران 1946 وهي كانت ثاني قمة عربية،في حين عُقدت القمة الأولى  في أنشاص (مصر) عام 1946 من القرن المنصرم”.
مكان الفندق المنعزل عن ضوضاء المدينة في ذلك الوقت وطبيعته الهادئة استقطبا كثيراً من اللقاءات إما العلنية أو السرية. 

وعلى رغم الظروف الصعبة التي مرت على الفندق منذ 2011 فإنه لا يزال مقصداً للسياح وخاصة بوجود مسبحه العائلي الشهير الذي كان مقصوداً من نخبة الدمشقيين للسباحة فيه، ومن ثم تناول الغداء في اجد مقاصفه الشهيرة كابي زاد ومورة ثم زحفت هذه المقاصف لى اعلى جباله الشمالية ككرم العلالي و… ليصل المرء ورحلات المسير الكشفية الى اطلال دير جبل اليونان المطل غربا على سهل البقاع اللبناني ولولا الحرب على سورية لكان أُعيد احياء هذا الدير الذي جعلته المجموعات المسلحة وكراً لضرب اليونان وهو وقف لبطريركية الروم الارثوذكس والهمة الآن لاعادة بنيانه.

مسبح فندق بلودان
مسبح فندق بلودان
بلودان هي عروس المصايف السورية هي تلك المدينة الريفية الهادئة، والشهيرة بطبيعة ساحرة وخلابة تشتهر بزراعة اللوز، واحتوائها على مغارة موسى، التي حيكت حولها كثير من الأساطير، وتقول إحداها إن المغارة مدخل إلى العالم المسحور.وهي العلامات المميزة في بلودان اذ هي تجويف حفر بسواعد رجال بلودان وبجهد مضني على مدى أكثر من مئة عام، وكان الغاية من الحفر استخراج رمل “المازار” من أجل البناء وأكثر الأبنية القائمة في بلودان والزبداني استخدمت رملها ومنها فندق بلودان الكبير.
حتى ان اول مؤتمر كشفي عربي تم فيه   وكان ذلك عام 1934 وقد اتخذت فيه جملة من القضايا التي تهم الكشفية العربية وقد ترافق مع اول مخيم كشفي عربي  نصيب في نبع بردى…
لكن بلودان كانت منذ العقد الاخير في القرن 19 عندما كانت قرية وادعة كانت مقصا للعائلات المسيحية الدمشقية الميسورة لقضاء فصل الصيف فيها وهم من اعاد احياء كنيسة القديس جاورجيوس بعدما كانت ديراً يعود الى فجر الرهبنة في سورية مطلع القرن الخامس وكان قد عثر فيه على هياكل عظمية للعديد من الرهبان المدفونين فيه، هؤلاء الدمشقيين الارثوذكس هو الذين مولوا اعادة بناء الكنيسة بعد الحصول على الترخيص باعادة البناء من قبل حاكم دولة دمشق حقي بك العظم وقد عمروها ليصلوا فيها بعدما كانت الصلاة تتم في بيت من بيوت القرية تم تحويله الى كنيسة مؤقتة. كانت مساحة الدير مساحته 40 متر مربع  وفيه نواويس عثر فيها على 12 هيكل عظمي للرهبان بشهادة لجنة من رئاسة دولة دمشق وحكومة الانتداب ومجلس ادارة قضاء الزبداني، فأصدر حاكم دولة دمشق عام 1920 قراره استنادا الى الخبرات والمكتشفات المبني على طلب البطريركية الارثوذكسية بدمشق حيث بني على أنقاضه وبموقعه كنيسة الروم الارثوذكس الحالية في وسط بلودان حيث كان قد  تداعى الدير وانهار في زلزال عام 1557 م ولا تزال أمام الكنيسة  الحالية الكثير من الشواهد الدالة على الدير القديم، كما انهار في الزلزال ذاته دير النحاس الموجود في منطقة الساقة قرب نبع العرق.
لكن مامن شك ان مشروع الفندق اوجد قفزة في مجال الاصطياف بهذه البلدة وحملت اليه رجال الانتداب وعائلاتهم وكذلك الحكوات الوطنية والاغنياء وبدأ شراء الاراضي واعمار الفيلات المشابهة للقصور كما انه وعلى قمة احدى التلال جنوب البلدة والمطلة على وادي بلودان كانت توجد مقبرة افرنسية للجنود الافرنسيين وهذه شاهدناها بأم العين بدلالة اهل القرية عندما كنا في مخيمنا الكشفي الخاص بفوج القديس جاورجيوس الارثوذكسي في عام 1968. ووقتها اكتشفنا نحن دير جبل اليونان الرهباني المندرس بمسير اليه بين الصخور والوعر ودروب ومسالك التهريب بعدما كنا قد سمعنا عنه من اهل بلودان.ومن المعالم البلودانية أيضاً “دير يونان” الواقع في أعالي جبل يونان شمال شرقي بلودان بنحو 7 كم على ارتفاع 1832 متر، حيث يوجد أثار هذا الدير الذي يحمل اس اليونان نسبة الى تسمية الجبل والى الرهبان الذين كانوا يتحدثون اليونانية منذ فجر تأسيسه الى حين انهياره ثم لجأوا الى دير القديس جاورجيوس او الكنيسة الحالية، ما زالت معالم هذا الدير واضحة حتى اليوم من أحجار منحوتة وكبيرة وجدران…  وهذا ماشاهدناه عياناً،عُثر فيه على صينية ذهبية يعود تاريخها إلى 2800 قبل الميلاد وهي محفوظة الآن بالمتحف الوطني بدمشق والارجح ان العثور عليها تم في اربعينيات القرن الماضي.

Viewing all articles
Browse latest Browse all 1470

Trending Articles



<script src="https://jsc.adskeeper.com/r/s/rssing.com.1596347.js" async> </script>