بصرى… و”كاتدرائية بصرى”.. أول قبة في عالم البناء المسيحي”كاتدرائية بصرى”.. أول قبة في عالم البناء المسيحي
تحتل المنطقة الجنوبية من سورية أهمية خاصة من ناحية عدد المواقع الأثرية وكثرة الأوابد والمكتشفات التاريخية فيها، وتعد “بصرى الشام” من أغنى وأعرق مدنها المصنفة عالمياً كموقع أثري رئيس ذي قيمة مرموقة في تاريخ الفن والفكر، إذ ترك الأنباط والرومان والروم البيزنطيون والأمويون آثارهم في هذه المدينة التي تُعد بتخطيطها الروماني المميز وآثارها المسيحية والإسلامية متحفاً مفتوحاً في الهواء الطلق.
فلسفة المدينة الرومانية
تتصف المدينة ذات التخطيط الهلنستي ( اليوناني- الشرقي) بتكوين شطرنجي على شكل مربع تقريباً، تتموضع في منتصف كل ضلع من أضلاع المربع بوابة، ويخترق المدينة شارع رئيسي يسمى “كاردو” على جانبيه أروقة ظليلة، يتقاطع معه شارع رئيسي آخر “ديكومانوسي”، وينتصب عند نقطة تقاطع الشارعين صرح معماري مؤلف من أربعة أعمدة يعرف باسم “المصلبة” أو “التترابيل”، كما تتعامد شوارع فرعية مع الشارعين الرئيسيين لتحصر في ما بينها مساحات مربعة أو مستطيلة من الأراضي التي تقوم عليها الدور والمنازل والمباني الرسمية.
ومن أهم المباني العامة التي تبرز معمارياً في المدينة الرومانية المعبد الرئيس والمعابد الصغيرة والحمامات العامة والمسرح وقصر الحكم.
بُصْرَى هي مدينة تاريخية تتبع محافظة درعا في سورية حيث تبعد 40 كم عن مركز مدينة درعا وحوالى 140 كم عن دمشق وترتفع عن سطح البحر بحوالى /850/ مترا ، كانت بصرى عاصمة دينية ومركزا تجاريا هاما وممرا على طريق الحرير الذي يمتد إلى الصين ومنارة للحضارة في عدة عصور تعود لآلاف السنين.
من القرى المجاورة لمدينة بصرى صماد و معربة والجمرين ،وتتوسط منطقة حافلة بألاثار والاوابد الرومانية واليونانية وغيرها ، علماً أن المدينة تبعد 120 كم من العاصمة السورية دمشق.
المظهر الجغرافي الطبيعي التضاريس
تتألف من حدبات ومنخفضات تشكلت نتيجة تبرد البازلت. حجارتها بازلتية سوداء، وتربتها حمراء مائلة إلى السمرة. والمنطقة قسم من هضبة اندفاعية يتألف منها جبل العرب وحوران، وتغطيها اللابات البركانية بسماكات مختلفة، وتحيط ببصرى عدد من التلال المتفاوتة الارتفاع، نشأت نتيجة تبرد البازلت، ومن الحت السابق للاندفاعات البركانية ومن هذه التلال تل عالية.
جولة آثارية سريعة
القلعة
باب الهوى – الغربي
يعود تاريخه إلى القرن الثاني بعد الميلاد، ويتألف البناء من عقدين يعلو أحدهما الآخر ويستندان إلى ركائز مزينة بمحاريب على سائر واجهاته الداخلية والخارجية.
قوس النصر
ويعود تاريخه إلى القرن الثالث بعد الميلاد، ويتألف من ثلاث أقواس أعلاها القوس الوسطى التي يبلغ ارتفاعها ثلاثة عشر متراً، وقد أقيم البناء لذكرى انتصار يوليوس يوليانوس، قائد الفرقة البارثية الأولى المنسوبة إلى فيليب السوري.
المسجد العمري
دير الراهب بحيرا
يعدُّ أقدم كنيسة في المدينة، ويرجع تاريخها إلى القرن الرابع الميلادي وهي تختلف في أسلوب البناء عن جميع الكنائس في بصرى، وأجمل جزء فيها هو المذبح وقوسه الشاهقة المبنية على شكل بيضوي، ويستدل من بقايا الأجزاء العلوية أن السقف كان على شكل هرمي.
جامع مبرك ناقة الرسول
معبد حوريات الماء: ويتألف من أربعة أعمدة منحوتة على الطراز الكورنثي ترتفع إلى علو أربعة عشر متراً بقطر متر وعشرين سنتمتراً ويعود تاريخه إلى القرن الثاني بعد الميلاد.
قصر الامبراطور تراجان
سوق بصرى تحت الارض
يعود تاريخها إلى القرن الثاني بعد الميلاد ويبلغ طول القسم المكتشف 106 أمتار بعرض خمسة أمتار وارتفاع أربعة أمتار، تضاء بأربع وثلاثين نافذة في القسم الجنوبي، وتحت النوافذ أقيم عدد من المحاريب المستطيلة لتزيين جدار المبنى، وقد استخدم البناء مخزناً للبضائع.
الباب النبطي
وأهم أقسامه القوس الرئيسية المزينة بممرات وأعمدة نصفية تعلوها تيجان منحوتة على الطراز النبطي، وإلى الشرق منه عمود نصفي يعلوه تاج نبطي وركائز جانبية، وهو الوحيد المعروف من نوعه في سورية.
الخان – السوق الرئيسي أو خان الدبس
وهي سوق المدينة القديمة التي تُعرَض فيها صناعات المنطقة ومحصولاتها ويبلغ طولها سبعين متراً وعرضها عشرين متراً، والواجهة الحالية للسوق مزينة بمحاريب كبيرة وصغيرة تبرز على جوانبها حجارة أعدت لحمل التماثيل أما الغرف الجانبية الصغيرة داخل السوق فكانت مخصصة لبيع الأشياء الثمينة.
الحمامات الرومانية
وتتألف من صالات متعددة لها مدخل رئيس يفتح على الشارع الرئيس. وبقاء البناء محفوظاً على حاله سهل تفحص الأساليب التقنية التي استعملت في تجهيزه مثل إدخال أقنية التدفئة في صميم الجدران أو سقف الممرات المقببة المبنية من الحجارة البازلتية، ويعود تاريخها إلى القرن الثاني الميلادي.
البركة الشرقية
وهي خزان للمياه مربع الشكل تقريباً يبلغ طول ضلعه الجنوبي 114 متراً وضلعه الشرقي 112 متراً بعمق 6م. ويستدل من الأحرف النبطية المحفورة على معظم أحجار البركة على أن تاريخها يعود إلى عهد الأنباط أي القرن الأول قبل الميلاد.
الميدان
يقع جنوب المدرج، وهو بناء مستطيل الشكل مغلق من الجهة الجنوبية ومفتوح من الجهة الشمالية، وهناك بضع درجات في الجهة الجنوبية، وكان معداً لسباق الخيل، ويبلغ طوله 680 متراً وعرضه 100 متراً، ويعود تاريخه إلى العهد الروماني.
بركة الحاج
وهي أكبر من الأولى وكان الهدف من ترميمها في العهد الأيوبي سقاية قوافل الحجاج الذاهبة إلى مكة، ولتزويد خندق القلعة وآبارها بالمياه اللازمة، يبلغ طول ضلعيها 155 متراً و122 متراً.
جامع فاطمة
الشوارع المرصوفة
المباني الرومانية
الأقنية الأثرية الرومانية
المتحف ويضم العديد من التماثيل والاثار
المعسكر
تدل التحريات على أن هذا المعسكر بني في بداية القرن الثاني الميلادي. وقد عثر على باب المعسكر الرئيسي وهو يتألف من برجين جانبيين ومدخل محصن، كما كشفت بعض الأبراج الجانبية، ويبلغ طول سوره الشرقي 400 متراً والسور الشمالي 440 متراً، وأقامت فيه تشكيلات عسكرية رومانية عرف منها «الفرقة» الرومانية الثالثة، ويبدو أنها أقامت طويلاً في هذا المعسكر، ويدل على ذلك عشرات النصب التذكارية التي عثر عليها في أثناء عمليات التنقيب.
أسوار المدينة
وتعود إلى العهد النبطي، وهي ما تزال قائمة في بعض أطراف المدينة، وخاصة في الجهة الشمالية الغربية والشرقية، وبعض الأقسام في الناحية الجنوبية، مما يسمح بتعيين حدود المدينة.
مدينة بصرى مصنفة ضمن قائمة اليونيسكو لمواقع التراث العالمي .
يستقبلك عند وصولك إلى المدينة القديمة بناء أثري ضخم مبني بألواح حجرية محلية، يمثل مدخلها الغربي الذي تتوسطه بوابة متصلة من الجانبين ببقايا سور قديم، ويشكل سقفها عقد حجري يزينه قوسان منحوتان على شكل عارضة بسيطة الزخارف، أما واجهته فهي ذات تصميم متناظر مؤلف من دعامتين بارزتين يتوسطهما محراب تعلوه جبهة هرمية صغيرة مزينة بنقوش يونانية.
ثم تقودك طريق رئيسة تسمى “الطريق المستقيم” الذي تشكله أعمدة ذات تيجان أيونية، وتتوزع على جانبيه المعالم الأثرية، بدءاً بالسوق الأرضية مروراً بـ “قوس النصر” ذي الثلاثة أقواس، ليأخذنا بعدها شارع متعامد مع الطريق المستقيم إلى “معبد حوريات الماء” الذي تمثله واجهة من أربعة أعمدة، ثم يقابل معبد حوريات الماء مبنى “الحمامات المركزي” وهو عبارة عن بهو مثمن، وإلى شمال المعبد نجد أعمدة أسطوانية تمثل بقايا “السوق الرئيسة” حيث تواجهها واحدة من أشهر آثار المدينة وهي “الكليبة” أو ما يعرف بحسب الأسطورة بـ “سرير بنت الملك”، وهو معبد لم يبق منه سوى الجدار الخلفي مع عمودين تعلوهما عتبة وإفريز مزينين بثراء بنقوش منحوتة، ثم تنتهي الطريق أخيراً إلى “البوابة النبطية”.
المسرح الروماني
ويصنف مسرح بصرى الأثري، ومعه مسرح “Aspendus” في آسيا الصغرى، من بين أفضل المسارح التي ما زالت ماثلة للعيان في العمارة الرومانية بأكملها، ويعد أضخم مسرح لا يزال سليماً بالكامل، فهو مطوق بشكل متلاصق بكتلة معمارية ثانية هي “القلعة الأثرية” التي شَكّل اندماجها المعماري مع كتلة المسرح بناء واحداً ذا دعم وتحصين قوي حوّل المسرح الروماني إلى ما يشبه المعقل، وربما كان هذا واحداً من الأسباب التي جعلت المسرح يصمد على مر الزمن، إضافة لكونه مشيداً من الحجر البازلتي المحلي (حجر بركاني أسود)، وهو حجر مضغوط غير مسامي، أكسب البناء صلابة تحدّت الزلازل والعوامل الطبيعية، كما أكسبه ميزة إكسائية مختلفة عن مسارح روما التي شيدت معظمها من الحجارة الرملية المغطاة بالجص الأبيض. وهو أيضاً من المسارح الرومانية والعالمية التي بقيت سليمة ومتكاملة. بدأ إنشاؤه حين اتخذ الامبراطور الروماني تراجان بصرى عاصمة «الولاية العربية» التي حلت محل المملكة النبطية.وصمم مسرح بصرى بأسلوب المسارح الرومانية، فهو قائم مثلها على أرض مستوية ولا تزيد استدارته على نصف الدائرة. والأمر كذلك في المدرج Cavea وباحة الجوقة الموسيقية Orchestra. ويفصل تلك الباحة عن مقاعد المدرّج جدار صغير. ويصلها بالخارج ممران معقودان من اليمين ومن اليسار ومنصة التمثيل عريضة وقليلة الارتفاع نسبياً.
وتتحلى واجهة المسرح بصياغة معمارية جميلة، وتتألف من محاريب وثلاثة طوابق من الأعمدة الرخامية البيضاء التي دعمت جمالياً حجر البازلت ذا اللون الداكن، الذي كان من المرجح أن يُضفي استخدامه وحده في بناء ضخم كهذا رتابة مزعجة غير مرغوبة في العمارة، كما يتميز بناؤه بتقنية هندسية فريدة لتوزيع الصوت والضوء، ينسبها العديد من المؤرخين إلى المعماري “أبولودور الدمشقي” الملقب أيضاً بمهندس روما والذي تُرجِعُ بعض المصادر تصميم المدرج إليه.
إن كثيراً من المسارح القديمة في رومة وخارجها مشيدة بالآجر، لكن مسرح بصرى شيد بالحجر البازلتي المحلي. ويبلغ قطر المسرح 102م وطول منصة التمثيل فيه 45.5م وعمقها 8.5م. وكان جدار هذه المنصة مكسواً جزئياً بالرخام، وفيه أعمدة كورنثية على ثلاث طبقات، بينها محاريب للتماثيل، وتخترق هذا الجدار ثلاثة أبواب تؤدي إلى الكواليس. وفي الجدارين الجانبيين الحاصرين للمنصة شرفات كان يجلس عليها حاكم الولاية وكبار الرسميين والضيوف. ووراء الجدار الغربي للمنصة باحة مكشوفة تحيط بها الأروقة، كانت تستخدم للاستراحة. ويؤدي إلى الباحة نصف المستديرة المخصصة للجوقة الموسيقية مدخلان جانبيان Paradus يمران تحت منصّتين Tribunes بطرفي المدرّج من كِلا جانبيه الأيمن والأيسر جدار في أعلاه أعمدة دُورية مرضومة تحتها ثلاثة محاريب للتماثيل. وينتهي الجدار بعضادتين ركنيتين كورنثيتين، دنيا وعليا.
وفي المدرج 37 صفاً من المقاعد المتصلة: 14 صفاً مخصصة للشيوخ فوقها ممر ويليه 18 صفاً مخصصة للفرسان وللطبقة الوسطى. وفي الأعلى ممر تليه 5 صفوف للعامة متوجة برواق تحمل سقفه أعمدة دورية تدور بالمدرج كله، وهي تتصل بصف الأعمدة المرضومة في الجدارين الجانبيين. وفي الممر الأوسط والممر العلوي من المدرّج مقاعد متحركة إضافية من الحجر بمساند. وتوصل إلى المستويات الثلاثة أدراج صاعدة تحت ممرات معقودة متدرجة تسمح بالدخول والخروج في دقائق معدودة. ويذكر عادة أن هذا المسرح يتسع لخمسة عشر ألف مشاهد، وقد يكون في الأمر بعض المغالاة، لكن من الممكن، عند الضرورة، حشر مثل هذا العدد.
والمشاهدون في المسرح يرون ويسمعون بوضوح فالصوت والرؤية مدروسان على نحو لا يدع زيادة لمستزيد. وتحمي رواد المسرح من وهج الشمس أو رذاذ المطر ستارة ضخمة، وهي خيمة كبيرة تنشر فوق المشاهدين في المسرح لحمايتهم من الشمس والمطر ولتحسين الصوت.
تحول المسرح إلى قلعة: بدءاً من العصر الأموي سُدت جميع أبواب المسرح الخارجية المشرعة، وتركت له منافذ صغيرة، وأصبح المسرح بمنزلة حصن، كان معروفاً أيام العباسيين باسم ملعب الروم. وفي العصر الفاطمي (القرن الحادي عشر الميلادي)، بنيت ثلاثة أبراج ملاصقة لجدار المسرح الخارجي في الجهة الشرقية والجهتين الغربية والشمالية الغربية. وفي زمن الحروب الصليبية بنى الملك العادل بن أيوب شقيق صلاح الدين الأيوبي واثنان من أولاده في القرن السابع الهجري/ القرن الثالث عشر الميلادي تسعة أبراج محيطية حول المسرح، ومستودعات ضخمة وخزان مياه فوق المدرّج، ليصبح المكان قلعة تامة، وأحيطت هذه القلعة بخندق وحصر الدخول إليها في مدخل واحد، ويُعبر الخندق فوق خمس أقواس معقودة كان يتقدمها جسر خشبي يرفع بالسلاسل عند الخطر. وهكذا احتضنت القلعة العربية الإسلامية المسرح وصانته في نظام عمراني متكامل، وأجريت عليه أعمال التنقيب والترميم بين عامي 1946و1970 بإزالة المنشآت الضخمة المحدثة فوق المدرج ومنصة التمثيل وباحة الاستراحة وإزالة الأنقاض والأتربة التي تملأ الأبراج والممرات، فرحّلت الأنقاض خارج الموقع، ورمم الرواق العلوي وواجهة منصة التمثيل وأجزاء أخرى من القلعة والمسرح، وأكمل حتى عاد إلى رونقه الأصلي. ويجري استخدام مسرح بصرى للاحتفالات والمناسبات الفنية والثقافية التي تجرى في الجمهورية العربية السورية منذ السبعينات، كما تقام فيه فعاليات «مهرجان بصرى» السنوي، كما يجري تحسين مدينة بصرى نفسها لتكون معلماً أثرياً وسياحياً.
تعتبر مدينة “بصرى الشام” من المناطق الأثرية الجامعة لعدة حضارات متعاقبة، والشيء الذي تتميز به المدينة هو وجود علاقة مميزة بين الآثار الإسلامية والمسيحية حيث يجد السائح المسيحي ضالته من خلال الأوابد الأثرية التي تدل على عظمة الديانة المسيحية ومراحل تطورها، ومن أهم الأوابد المسيحية في المدينة كنيسة الكاتدرائية التي ظهرت عليها أول قبة في عالم البناء المسيحي.
كاتدرائية بصرى
أهمية تاريخية كبيرة اكتسبتها هذه الكاتدرائية التي يعود تاريخ بنائها إلى عام 512- 513 مسيحية
وهي بناء عظيم الشأن من الناحية المعمارية، فقد ظهرت عليه أول قبة في عالم البناء المسيحي، ولا يظهر منها للزائر الآن سوى بقايا الجدران الخارجية والمذبح، ويعود تاريخ بناء الكاتدرائية إلى عام 512 – 513 ميلادي. ويبلغ طول الكاتدرائية 51 متراً وعرضها 37 متراً. وهي موقوفة للقديسين “سرجيوس وباخوس وتيونتوس”، “وقام ببنائها الأسقف “جوليانوس” المشهور باستقامته وشجاعته، وصراحته المقرونة بالجرأة التي عانى بسببها الكثير من المصاعب، وقد نفي من “بصرى” في نفس العام الذي افتتحت به الكاتدرائية بسبب رفضه التوجيه الذي بعث به “سيفروس” بطريرك أنطاكية، ويروى أن خصوم جوليانوس السياسيين وضعوا السم في كأس شراب قدموه إليه، وقد شرب الكأس بعد أن رسم علامة الصليب فلم يؤثر السم في جسمه».
أُقيمت القبة على إطار دائري بني فوق ثمانية أعمدة سيئة التنفيذ، ما أدى إلى تداعيها عدة مرات وإعادة بنائها. وكان فيها العديد من الأبواب والنوافذ والمحاريب لوضع التماثيل، جدرانها كانت مطلية ومرسومة ومغطاة بالمرمر، أما الجدران الخارجية فبسيطة دون زينة. فيها ثلاث حنيات أوسطها أوسعها وأعلاها، ولم يبق من زينتها الداخلية سوى بعض الرسوم للعذراء والملائكة القديسين. وكانت الجدران مكسوة بالرخام، ولم يبق منه إلا كسر قليلة. وقد تهدمت واجهة الكاتدرائية، ولم يبقَ فيها إلا قسم من الزاوية الشمالية الغربية للحائط الخارجي مع محرابه وزخارف “أفاريز”
تتمتع هذه الكنيسة بطراز رفيع من الفن المعماري الأمر الذي حفز الإمبراطور “جوستينيان” إلى تشييد كاتدرائية “أيا صوفيا” في اسطنبول، وكنيسة رافينا في إيطاليا، وكذلك كنيسة “الرصافة” على غرار كاتدرائية “بصرى”، ومزينة من الداخل والخارج بمحاريب.
ويتألف هيكلها من ثلاث حنيات، وعلى جدرانها صور ملونة “فرسيك” تمثل رسوماً للسيدة العذراء والقديسين، وتم العثور على أجزاء من لوحات فسيفساء من قبل البعثة الايطالية العاملة في بصرى عند المدخل الجنوبي من الكنيسة، وفي أجزاء متفرقة في الوسط. والكاتدرائية من الداخل عبارة عن دائرة محاطة بمربع شكلت الزوايا فيها محاريب، توسعت نحو الخارج من جهة الشرق لبناء الحنية وأربع غرف، اثنتان في كل طرف، فأصبحت بذلك مستطيلة الشكل وفيها 50 نافذة.
وكانت كاتدرائية “بصرى” مثالاً للمهندسين المعماريين في ذلك الوقت، لذلك أمر الإمبراطور “جوستينان” بعد سنين قليلة على بنائها ببناء كنيسة “ايا صوفيا” وكنيسة “رافين” في القسطنطينية مع تلافي الأخطاء المعمارية التي وقعت عند بناء كاتدرائية بصرى فبقيتا حتى الآن، وقد قامت بعثات أثرية فرنسية وأمريكية وايطالية بدراسة الكاتدرائية دراسة مفصلة».
القبة التي ظهرت الأولى في عالم البناء المسيحي جدرانها كانت مطلية ومرسومة ومغطاة بالمرمر وهنا يتابع: «أُقيمت القبة على إطار دائري بني فوق ثمانية أعمدة سيئة التنفيذ، ما أدى إلى تداعيها عدة مرات وإعادة بنائها. وكان فيها العديد من الأبواب والنوافذ والمحاريب لوضع التماثيل، جدرانها كانت مطلية ومرسومة ومغطاة بالمرمر، أما الجدران الخارجية فبسيطة دون زينة. فيها ثلاث حنيات أوسطها أوسعها وأعلاها، ولم يبق من زينتها الداخلية سوى بعض الرسوم للعذراء والملائكة القديسين. وكانت الجدران مكسوة بالرخام، ولم يبق منه إلا كسر قليلة. وقد تهدمت واجهة الكاتدرائية، ولم يبقَ فيها إلا قسم من الزاوية الشمالية الغربية للحائط الخارجي مع محرابه وزخارف “أفاريز”».