شرح مختصر لتعليم الكنيسة الارثوذكسي القويم بالدساتير
لقد اوصى المخلص تلاميذه ان يقبلوا الجميع في كنيسته بعد تعليمهم مسبقاً حقائق الايمان القويم.
لذلك كان الرسل يجتهدون في تعليم المقبولين الجدد قبل قبولهم الفعلي في الكنيسة، كما فعل الرسول بطرس مع جمهرة الناس يوم العنصرة عندما انضم الى الكنيسة التي في اورشليم 3000 شخص الى المسيح، او عند قبول كورنيليوس قائد المئة الايمان بالمسيح.
كذلك فعل الرسول فيليبس، عندما بشر في السامرة، وكان التعليم وفق اعمال الرسل يختص بتعليم الحقائق الأولية.
كان الرسل يتكلمون عن اهم حوادث تاريخ العهد القديم، والعهد الجديد وتطبيقهما على مجيء ماسيا المنتظر، واقنعوا السامعين بالتوبة والايمان بالرب يسوع.
هكذا فعل الرسل في كل مكان بشروا به، بولس الرسول وبحكم خلفيته اليونانية وتضلعه بالفلسفة اليونانية واللاهوت اليهودي، بشر اليونانيين بالاله المفقود المنتظر، فأقنع السامعين بالصوت والكلمة ان هذا الاله المنتظر هو يسوع.
هذه الشروح المختصرة لحقائق الايمان القويم المرتبة على اساس كتابات الرسل وتقليدهم الشريف، صارت بعد الرسل عامة الاستعمال في الكنيسة، ودُعيت”دساتير الايمان” أو “قواعد الايمان” كما هو مكتوب في الدساتير على مثال أفعال الرسل في المعمودية.
في البداية لم يكن من تعليم موحد، فكل كنيسة لوحدها كان عندها دستور خاص.
ومن الطبيعي ان يكون ثمة خلافات بينها، ولكنها كانت من حيث الشكل، اما من حيث المضمون فهو التعليم ذاته عن الله الواحد في ثلاثة اقانيم، المشروح بطريقة واحدة لكنه مع اضافة الى بعضها.
حتى المجمع المسكوني الأول في القرن الرابع ظهر القسم الاول من دستور الايمان العام لجميع الناس، وكأنه مجموع كل تعاليم الايمان المسيحي القويم.
بعض العقائد الارثوذكسية التي شرحتها الكنيسة
وحدانية الله، الثالوث الأقدس، شخص يسوع المسيح، الاسرار، استدعاء القديسين واحترامهم.
اولاً وحدانية الله
كان يتوجب على الكنيسة ان تعرض تعليمها بوضوح خاص بوحدة الله الواحد، بعكس كثرة الآلهة الوثنية. وعلى كل مؤمن يتوجب ان كان وثنياً ان يبرهن عن ايمانه بالاله الواحد عند اول دخوله في عضوية الكنيسة، لذلك فاننا نجد اول نقطة في جميع الدساتير هي التعليم عن وحدانية الله، وآباء الكنيسة ويعلموها الذين فندوا الوثنية بكل مهارة، شرحوا ليس فقط حقيقة وجود الاله الواحد بل وجوب وجوده.
الآلهة الوثنية متعددة، ويجوز معها نكران الآلهة اجمالاً…لأن كل واحد يحد الآخر ويلغيه، اما الاله الحقيقي فيجب ان يكون غير محدود، لذلك هو واحد.
ثانيا عقيدة الثالوث الاقدس
شرحتها الكنيسة في القرنين الثاني والثالث، لأن التعليم لهذه العقيدة تعرضللتحريف من كل الهرطقات، ومن الوثنيين، وبنوع خاص من مضادي الثالوث. لذا اضطرت الكنيسة ان تثبت تثليث الاقانيم في الله، وعلى اساس الكتاب المقدس، والتقليد الشريف بطريقة ايجابية وبدون اقل تردد ناسبين استحقاقا الهيا للأقانيم الثلاثة…
ثالثا شخص يسوع المسيح
بتثبيت عقيدة الثالوث المقدس، صار شرح العقيدة عن شخص يسوع المسيح، فالكنيسة أكدّت بأن يسوع المسيح هو اله تام وانسان تام بطبيعتين الهية وبشرية، ومشيئتين الهية وبشرية.
لكن عن كيفية اتحاد الألوهية والشرية بشخص يسوع المسيح، لم يكن قد أُوضحَ تماما بواسطة آباء القرنين الثاني والثالث.
رابعا الأسرار والتعليم عن الاسرار
تتمسك كنيستنا الارثوذكسية بالتعليم عن الاسرار كما وضعه آباء الكنيسة واوضحوه في القرنين الثاني والثالث بأنه
هو اعمال مقدسة تمنح بواسطتها بصورة غير منظورة نعمة الله التي تعيد الولادة وتجدد وتقدس الانسان الذي يقبلها.
هكذا علم كثيرون من كتّاب الكنيسة متفقين ان مصدر الاسرار الهي وانه يجب ان يتم بطرق معلومة محددة على ايدي الناس.
مفوضين بذلك، وربطوا فعل الاسرار باتمامها على هذه الصورة.
اما بشأن عدد الاسرار
فلم يذكر احد من آباء الكنيسة في القرنين 2 و3م الاسرار كلها مجتمعة.
أما متفرقة فيذكرون الاسرار السبعة وبصورة خاصة سر المعمودية فيؤكدون على ان يتم لجميع الداخلين الكنيسة بثلاث غطسات على اسم الآب والابن والروح القدس لولادة جديدة وروحية وغفران الخطايا.
لكن ترتوليان كان له وحده رأي خاص في شروط وحقيقة هذا السر.
لقد جعل قوة وحقيقة المعمودية مرتبطة تماما بايمان معلميها لذلك سمح بمعمودية الراشدين فقط، ولم يسمح بمعمودية الأطفال.
اما بشأن سر الشكر(الافخارستيا)
فيجب ان يتم تحت شكلي الخبز والخمر، ويعطى المؤمنون جسد ودم الرب يسوع المسيح حقيقة، حيث ان الخبز والخمر يصيران حقيقة جسد ودم الرب يسوع المسيح بعد استدعاء الروح القدس على التقدمة وان جميع المؤمنين يجب ان يشتركوا في المناولة تحت الشكلين.
الاعتراف
علم الآباء عن التوبة بأنها يجب ان تتم بواسطة الاعتراف الشفوي بالخطايا المرتبكة امام الأب الراعي، بطريقة قانونية، وباسم الله يمنح اب الاعتراف حل الخطايا للتائب ويناوله القربان المقدس بأن الافخارستيا هي ذبيحة شكر واستعطاف عن الاحياء والاموات.
خامساً استدعاء واحترام القديسين
أخيراً يوجد عند بعض آباء الكنيسة في القرنين الثاني والثالث آثار تعلم عن استدعاء واحترام القديسين
منذ البدء كان ايمان الكنيسة العام بوجود اتصال مباشر بين الكنيستين الارضية والسماوية، وان القديسين الذين صاروا في الكنيسة السماوية يتشفعون بالعائشين على الارض.
هذا الايمان المؤسس على كلام يوحنا اللاهوتي في الرؤيا واوضحه كبريانوس واريجانوس…
مع هذا الايمان وعلى اساسه كان من الطبيعي، أن يترتب في الازمنة الأولى لحياة الكنيسة، تعليم عن ضرورة استدعاء القديسين واحترامهم…